قَالَ: رَأَيْتُ فِي يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِيسَمَ وَهُوَ يَسِمُ إِبِلَ الصَّدَقَةِ وَالْفَيْءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ حَتَّى يُعْرَفَ كُلُّ مَالٍ فَيُؤَدَّى فِي حَقِّهِ، وَلَا يُتَجَاوَزُ بِهِ إِلَى غَيْرِهِ. السَّابِعَةُ- وَالْوَسْمُ جَائِزٌ فِي كُلِّ الْأَعْضَاءِ غَيْرَ الْوَجْهِ، لِمَا رَوَاهُ جَابِرٌ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الضَّرْبِ فِي الْوَجْهِ وَعَنِ الْوَسْمِ فِي الْوَجْهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِشَرَفِهِ عَلَى الْأَعْضَاءِ، إِذْ هُوَ مَقَرُّ الْحُسْنِ وَالْجَمَالِ، وَلِأَنَّ بِهِ قِوَامَ الْحَيَوَانِ، وَقَدْ مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ يَضْرِبُ عَبْدَهُ فَقَالَ: (اتَّقِ الْوَجْهَ (?) فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ). أَيْ عَلَى صُورَةِ الْمَضْرُوبِ، أَيْ وَجْهِ هَذَا الْمَضْرُوبِ يُشْبِهُ وَجْهَ آدَمَ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْتَرَمَ لِشَبَهِهِ (?). وَهَذَا أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي تَأْوِيلِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْإِشَارَةُ بِالتَّغْيِيرِ إِلَيَّ الْوَشْمِ وَمَا جَرَى مَجْرَاهُ مِنَ التصنع للحسن، قال ابْنُ مَسْعُودٍ وَالْحَسَنُ. وَمِنْ ذَلِكَ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ (?) وَسَلَّمَ]: (لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ [وَالنَّامِصَاتِ (?)] وَالْمُتَنَمِّصَاتِ [وَالْمُتَفَلِّجَاتِ] لِلْحُسْنِ، الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ) الْحَدِيثُ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَسَيَأْتِي بِكَمَالِهِ فِي الْحَشْرِ (?) إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَالْوَشْمُ يَكُونُ فِي الْيَدَيْنِ، وَهُوَ أَنْ يَغْرِزَ ظَهْرَ كَفِّ الْمَرْأَةِ وَمِعْصَمِهَا بِإِبْرَةٍ ثُمَّ يُحْشَى بِالْكُحْلِ أَوْ بِالنَّئُورِ (?) فَيَخْضَرُّ. وَقَدْ وَشَمَتْ تَشِمُ وَشْمًا فَهِيَ وَاشِمَةٌ. وَالْمُسْتَوْشِمَةُ الَّتِي يُفْعَلُ ذَلِكَ بِهَا، قَالَ الْهَرَوِيُّ. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَرِجَالُ صِقِلِّيَةَ وَإِفْرِيقِيَّةَ يَفْعَلُونَهُ، لِيَدُلَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى رُجْلَتِهِ (?) فِي حَدَاثَتِهِ. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْهَرَوِيِّ- أَحَدُ رُوَاةِ مُسْلِمٍ- مَكَانَ (الْوَاشِمَةِ وَالْمُسْتَوْشِمَةِ) (الْوَاشِيَةَ وَالْمُسْتَوْشِيَةَ) (بِالْيَاءِ مَكَانَ الْمِيمِ) وَهُوَ مِنَ الْوَشْيِ وَهُوَ التَّزَيُّنُ، وَأَصْلُ الْوَشْيِ نَسْجُ الثَّوْبِ عَلَى لَوْنَيْنِ، وَثَوْرٌ مُوَشًّى فِي وَجْهِهِ وَقَوَائِمِهِ سَوَادٌ، أَيْ تَشِي الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا بِمَا تَفْعَلُهُ فِيهَا مِنَ التَّنْمِيصِ وَالتَّفْلِيجِ وَالْأَشْرِ. وَالْمُتَنَمِّصَاتُ جَمْعُ مُتَنَمِّصَةٍ وَهِيَ الَّتِي تَقْلَعُ الشَّعْرَ مِنْ وَجْهِهَا بِالْمِنْمَاصِ، وَهُوَ الَّذِي يَقْلَعُ الشَّعْرَ، وَيُقَالُ لَهَا النَّامِصَةُ. ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَأَهْلُ مِصْرَ يَنْتِفُونَ شَعْرَ الْعَانَةِ وَهُوَ مِنْهُ، فَإِنَّ السُّنَّةَ حَلْقُ الْعَانَةِ وَنَتْفُ الْإِبْطِ، فَأَمَّا نَتْفُ الْفَرْجِ فَإِنَّهُ يرخيه ويؤذيه، ويبطل كثيرا من المنفعة