رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ أَصْلَحَ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَعْطَاهُ اللَّهُ بِكُلِّ كَلِمَةٍ عِتْقَ رَقَبَةٍ. وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي أَيُّوبَ: (أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى صَدَقَةٍ يُحِبُّهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ، تُصْلِحُ بَيْنَ أُنَاسٍ إِذَا تَفَاسَدُوا، وَتُقَرِّبُ بَيْنَهُمْ إِذَا تَبَاعَدُوا (. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: مَا خُطْوَةٌ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ خُطْوَةٍ فِي إِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَمَنْ أَصْلَحَ بَيْنَ اثْنَيْنِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بَرَاءَةً مِنَ النَّارِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ: تَنَازَعَ رَجُلَانِ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ فَمِلْتُ إِلَيْهِمَا، فَلَمْ أَزَلْ بِهِمَا حَتَّى اصْطَلَحَا، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَهُوَ يَرَانِي: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَنْ أَصْلَحَ بَيْنَ اثْنَيْنِ اسْتَوْجَبَ ثَوَابَ شَهِيدٍ). ذَكَرَ هَذِهِ الْأَخْبَارَ أَبُو مُطِيعٍ مَكْحُولُ بْنُ الْمُفَضَّلِ النَّسَفِيُّ فِي كِتَابِ اللُّؤْلُئِيَّاتِ لَهُ، وَجَدْتُهُ بِخَطِ الْمُصَنِّفِ فِي وُرَيْقَةٍ وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَى مَوْضِعِهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَ (ابْتِغاءَ) نصب على المفعول من أجله.
وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً (115) إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً (116)
فِيهِ مَسْأَلَتَانِ: الاولى- قال العلماء: هاتان الآيتان نزلنا بِسَبَبِ ابْنِ أُبَيْرِقٍ السَّارِقِ، لَمَّا حَكَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [عَلَيْهِ] بِالْقَطْعِ وَهَرَبَ إِلَى مَكَّةَ وَارْتَدَّ، قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: لَمَّا صَارَ إِلَى مَكَّةَ نَقَبَ بَيْتًا بِمَكَّةَ فَلَحِقَهُ الْمُشْرِكُونَ فَقَتَلُوهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) إِلَى قَوْلِهِ: (فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيداً). وَقَالَ الضَّحَّاكُ: قَدِمَ نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ الْمَدِينَةَ وَأَسْلَمُوا ثُمَّ انْقَلَبُوا إِلَى مَكَّةَ مُرْتَدِّينَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ (وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ). وَالْمُشَاقَّةُ الْمُعَادَاةُ. وَالْآيَةُ وَإِنْ نَزَلَتْ فِي سَارِقِ الدِّرْعِ أَوْ غَيْرِهِ فَهِيَ عَامَّةٌ فِي كُلِّ مَنْ خَالَفَ طَرِيقَ الْمُسْلِمِينَ. و (الْهُدى):