تفسير القرطبي (صفحة 2028)

نَدْبًا فَهَذَا فَرْضٌ. الثَّالِثُ- سَفَرُ الْجِهَادِ وَلَهُ أَحْكَامُهُ. الرَّابِعُ- سَفَرُ الْمَعَاشِ، فَقَدْ يَتَعَذَّرُ عَلَى الرَّجُلِ مَعَاشُهُ مَعَ الْإِقَامَةِ فَيَخْرُجُ فِي طَلَبِهِ لَا يَزِيدُ عَلَيْهِ، مِنْ صَيْدٍ أَوِ احْتِطَابٍ أَوِ احْتِشَاشٍ، فَهُوَ فَرْضٌ عَلَيْهِ. الْخَامِسُ سَفَرُ التِّجَارَةِ وَالْكَسْبُ الزَّائِدُ عَلَى الْقُوتِ، وَذَلِكَ جَائِزٌ بِفَضْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ «1») يَعْنِي التِّجَارَةَ، وَهِيَ نِعْمَةٌ مَنَّ اللَّهُ بِهَا فِي سَفَرِ الْحَجِّ، فَكَيْفَ إِذَا انْفَرَدَتْ. السَّادِسُ- فِي طَلَبِ الْعِلْمِ وَهُوَ مَشْهُورٌ. السَّابِعُ- قَصْدُ الْبِقَاعِ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ). الثَّامِنُ- الثُّغُورُ لِلرِّبَاطِ بِهَا وَتَكْثِيرِ سَوَادِهَا لِلذَّبِّ عَنْهَا. التَّاسِعُ- زِيَارَةُ الْإِخْوَانِ فِي اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (زار رجل أخاله فِي قَرْيَةٍ فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ مَلَكًا عَلَى مَدْرَجَتِهِ «2» فَقَالَ أَيْنَ تُرِيدُ فَقَالَ أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ قَالَ هَلْ لَكَ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا «3» عَلَيْهِ قَالَ لَا غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ). رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ.

[سورة النساء (4): آية 101]

وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً (101)

فِيهِ عَشْرُ مَسَائِلَ: الْأُولَى قَوْلُهُ تَعَالَى: (ضَرَبْتُمْ) سَافَرْتُمْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حُكْمِ الْقَصْرِ فِي السَّفَرِ، فَرُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ أَنَّهُ فَرْضٌ. وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْكُوفِيِّينَ وَالْقَاضِي إِسْمَاعِيلَ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا (فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ) الْحَدِيثَ، وَلَا حجة فيه لمخالفتها له، فإنه كَانَتْ تُتِمُّ فِي السَّفَرِ وَذَلِكَ يُوهِنُهُ. وَإِجْمَاعُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِأَصْلٍ يُعْتَبَرُ فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ خَلْفَ الْمُقِيمِ، وَقَدْ قَالَ غيرها من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015