تَعَالَى: (مَا كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها (?)). فَلَا يَقْدِرُ الْعِبَادُ أَنْ يُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَبَدًا. وَقَالَ قَتَادَةُ: الْمَعْنَى مَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ فِي عَهْدِ اللَّهِ. وَقِيلَ: مَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ فِيمَا سَلَفَ، كَمَا لَيْسَ لَهُ الْآنَ ذَلِكَ بِوَجْهٍ، ثُمَّ اسْتَثْنَى اسْتِثْنَاءً مُنْقَطِعًا لَيْسَ مِنَ الْأَوَّلِ وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ (إِلَّا) بِمَعْنَى (لَكِنْ) وَالتَّقْدِيرُ مَا كَانَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ أَلْبَتَّةَ لَكِنْ إِنْ قَتَلَهُ خَطَأً فَعَلَيْهِ كَذَا، هَذَا قَوْلُ سِيبَوَيْهِ وَالزَّجَّاجِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ. وَمِنَ الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ قَوْلِهِ تَعَالَى: (مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ (?)). وَقَالَ النَّابِغَةُ:
وَقَفْتُ فِيهَا أُصَيْلَانًا» أُسَائِلُهَا ... عَيَّتْ جَوَابًا وَمَا بِالرَّبْعِ مِنْ أَحَدِ
إِلَّا الْأَوَارِيَّ لَأْيًا ما أبينها ... والنوى كَالْحَوْضِ بِالْمَظْلُومَةِ الْجَلَدِ (?)
فَلَمَّا لَمْ تَكُنِ (الْأَوَارِيُّ) مِنْ جِنْسِ أَحَدٍ حَقِيقَةً لَمْ تَدْخُلْ فِي لفظه. ومثله قول الآخر:
أَمْسَى سُقَامٌ خَلَاءً لَا أَنِيسَ بِهِ ... إِلَّا السِّبَاعَ وَمَرَّ الرِّيحِ بِالْغُرَفِ (?)
وَقَالَ آخَرُ:
وَبَلْدَةٍ لَيْسَ بِهَا أَنِيسُ ... إِلَّا الْيَعَافِيرُ وَإِلَّا الْعِيسُ (?)
وَقَالَ آخَرُ:
وَبَعْضُ الرِّجَالِ نَخْلَةٌ لَا جَنَى لَهَا ... وَلَا ظِلَّ إِلَّا أَنْ تُعَدَّ مِنَ النَّخْلِ
أَنْشَدَهُ سِيبَوَيْهِ، وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ، وَمِنْ أَبْدَعِهِ قَوْلُ جَرِيرٍ:
مِنَ الْبِيضِ لَمْ تَظْعَنْ بَعِيدًا وَلَمْ تَطَأْ ... عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا ذَيْلَ مِرْطٍ مرحل (?)