تفسير القرطبي (صفحة 1760)

جَمَعْتَ الْجَمْعَ قُلْتَ فِي اللَّاتِي: اللَّوَاتِي، وَفِي اللَّاءِ: اللَّوَائِي. وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُمْ (اللَّوَاتِ) بِحَذْفِ الْيَاءِ وَإِبْقَاءِ الْكَسْرَةِ، قَالَهُ ابْنُ الشَّجَرِيِّ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَنْشَدَ أَبُو عُبَيْدٍ:

مِنَ اللَّوَاتِي وَالَّتِي واللات ... زَعَمْنَ أَنْ قَدْ كَبُرَتْ لِدَاتِ

وَاللَّوَا بِإِسْقَاطِ التَّاءِ. وَتَصْغِيرُ الَّتِي اللُّتَيَّا بِالْفَتْحِ وَالتَّشْدِيدِ، قَالَ الرَّاجِزُ:

بعد اللتيا واللتيا (?) والتي

وَبَعْضُ الشُّعَرَاءِ أَدْخَلَ عَلَى (الَّتِي) حَرْفَ النِّدَاءِ، وَحُرُوفُ النِّدَاءِ لَا تَدْخُلُ عَلَى مَا فِيهِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ إِلَّا فِي قَوْلِنَا: يَا اللَّهُ وَحْدَهُ، فَكَأَنَّهُ شَبَّهَهَا بِهِ مِنْ حَيْثُ كَانَتِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ غَيْرَ مُفَارِقَتَيْنِ لَهَا. وَقَالَ:

مِنْ أجلك يا لتي تَيَّمْتِ قَلْبِي ... وَأَنْتِ بَخِيلَةٌ بِالْوُدِّ عَنِّي

وَيُقَالُ: وَقَعَ فِي اللَّتَيَّا وَالَّتِي، وَهُمَا اسْمَانِ مِنْ أَسْمَاءِ الدَّاهِيَةِ. الثَّالِثَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ) الْفَاحِشَةُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الزِّنَا، وَالْفَاحِشَةُ الْفِعْلَةُ الْقَبِيحَةُ، وَهِيَ مَصْدَرٌ كَالْعَاقِبَةِ وَالْعَافِيَةِ. وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ (بِالْفَاحِشَةِ) بِبَاءِ الْجَرِّ. الرَّابِعَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (مِنْ نِسائِكُمْ) إِضَافَةٌ فِي مَعْنَى الْإِسْلَامِ وَبَيَانُ حَالِ الْمُؤْمِنَاتِ، كَمَا قَالَ: (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ (?)) لِأَنَّ الْكَافِرَةَ قَدْ تَكُونُ مِنْ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ بِنَسَبٍ وَلَا يَلْحَقُهَا هَذَا الْحُكْمُ. الْخَامِسَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ) أَيْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَجَعَلَ اللَّهُ الشَّهَادَةَ عَلَى الزِّنَا خَاصَّةً أَرْبَعَةً تَغْلِيظًا عَلَى الْمُدَّعِي وَسَتْرًا عَلَى الْعِبَادِ. وَتَعْدِيلُ الشُّهُودِ بِالْأَرْبَعَةِ فِي الزِّنَا حُكْمٌ ثَابِتٌ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً (?)) وَقَالَ هُنَا: (فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ). وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: جَاءَتِ الْيَهُودُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ مِنْهُمْ [قَدْ (?)] زَنَيَا فَقَالَ: [النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (?)] (ائْتُونِي بِأَعْلَمِ رَجُلَيْنِ مِنْكُمْ) فَأَتَوْهُ بِابْنَيْ صُورِيَّا فَنَشَدَهُمَا: (كَيْفَ تَجِدَانِ أَمْرَ هَذَيْنَ فِي التَّوْرَاةِ)؟ قَالَا: نَجِدُ في التوراة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015