تفسير القرطبي (صفحة 1750)

الْمُسْلِمِينَ. وَإِذَا كُنَّ مُرَادَاتٍ بِالْآيَةِ مَعَ الْإِخْوَةِ كُنَّ مُرَادَاتٍ عَلَى الِانْفِرَادِ. وَاسْتَدَلَّ الْجَمِيعُ

بِأَنَّ أقل الجمع اثنان، لان التثنية جمع شي إِلَى مِثْلِهِ، فَالْمَعْنَى يَقْتَضِي أَنَّهَا جَمْعٌ. وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (الِاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ). وَحُكِيَ عن سيبويه أنه قال: سألت الحليل عَنْ قَوْلِهِ (مَا أَحْسَنَ وُجُوهِهِمَا)؟ فَقَالَ: الِاثْنَانِ جَمَاعَةٌ. وَقَدْ صَحَّ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

وَمَهْمَهَيْنِ قَذَفَيْنِ مَرْتَيْنِ ... ظَهْرَاهُمَا مِثْلُ ظُهُورِ التُّرْسَيْنِ (?)

وَأَنْشَدَ الْأَخْفَشُ:

لَمَّا أَتَتْنَا الْمَرْأَتَانِ بِالْخَبَرْ ... فَقُلْنَ إِنَّ الْأَمْرَ فِينَا قَدْ شُهِرْ

وَقَالَ آخَرُ:

يُحَيَّى بِالسَّلَامِ غَنِيُّ قَوْمٍ ... وَيُبْخَلُ بِالسَّلَامِ عَلَى الْفَقِيرِ

أَلَيْسَ الْمَوْتُ بَيْنَهُمَا سَوَاءً ... إِذَا مَاتُوا وَصَارُوا فِي الْقُبُورِ

وَلَمَّا وَقَعَ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ بَيْنَ عُثْمَانَ وَابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَهُ عُثْمَانُ: إِنَّ قَوْمَكَ حَجَبُوهَا- يَعْنِي قُرَيْشًا- وَهُمْ أَهْلُ الْفَصَاحَةِ وَالْبَلَاغَةِ. وَمِمَّنْ قَالَ: إِنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ- وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِهِ هُنَا- ابْنُ مَسْعُودٍ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُمْ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. الْمُوَفِّيَةُ عِشْرِينَ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَابْنُ عَامِرٍ وَعَاصِمٍ (?)) يُوصَى بِفَتْحِ الصَّادِ. الْبَاقُونَ بِالْكَسْرِ، وَكَذَلِكَ الْآخَرُ. وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فِيهِمَا عَنْ عَاصِمٍ. وَالْكَسْرُ اخْتِيَارُ أَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي حَاتِمٍ، لِأَنَّهُ جَرَى ذِكْرُ الْمَيِّتِ قَبْلَ هَذَا. قَالَ الْأَخْفَشُ: وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى (يُوصِينَ) و (تُوصُونَ). الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ- إِنْ قِيلَ: مَا الْحِكْمَةُ فِي تَقْدِيمِ ذِكْرِ الْوَصِيَّةِ عَلَى ذِكْرِ الدَّيْنِ، وَالدَّيْنُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهَا بِإِجْمَاعٍ. وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنِ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ، وَأَنْتُمْ تُقِرُّونَ (?) الْوَصِيَّةَ قَبْلَ الدَّيْنِ. قَالَ: وَالْعَمَلُ عَلَى هذا عند عامة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015