الرابعة- (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ) قالت الشافعية: قوله تَعَالَى (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ) حَقِيقَةٌ فِي أولاد الصلب، فأما يدخل فيه بطريق المجاز، فإذا حلف (?) أنلا وَلَدَ لَهُ وَلَهُ وَلَدُ ابْنٍ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِذَا أَوْصَى لِوَلَدِ فُلَانٍ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ وَلَدُ وَلَدِهِ. وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ: إِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ صُلْبٌ. ومعلوم أن الا لفاظ لَا تَتَغَيَّرُ (?) بِمَا قَالُوهُ. الْخَامِسَةُ- قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَمَّا قَالَ تَعَالَى (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ) فَكَانَ الَّذِي يَجِبُ عَلَى ظَاهِرِ الْآيَةِ أَنْ يَكُونَ الْمِيرَاثُ لِجَمِيعِ الْأَوْلَادِ، الْمُؤْمِنِ مِنْهُمْ وَالْكَافِرِ، فَلَمَّا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ عُلِمَ أَنَّ اللَّهَ أَرَادَ بَعْضَ الْأَوْلَادِ دُونَ بَعْضٍ، فَلَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ عَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ (?). قُلْتُ: وَلَمَّا قَالَ تَعَالَى: (فِي أَوْلادِكُمْ) دَخَلَ فِيهِمُ (?) الْأَسِيرُ فِي أَيْدِي الْكُفَّارِ، فَإِنَّهُ يَرِثُ مَا دَامَ تُعْلَمُ حَيَاتُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ. وَبِهِ قَالَ كَافَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ، إِلَّا النَّخَعِيَّ فَإِنَّهُ قَالَ: لَا يَرِثُ الْأَسِيرُ. فَأَمَّا إِذَا لَمْ تُعْلَمْ حَيَاتُهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَفْقُودِ. وَلَمْ يَدْخُلْ فِي عُمُومِ الْآيَةِ مِيرَاثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِهِ: (لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ). وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي (مَرْيَمَ (?)) إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَكَذَلِكَ لَمْ يَدْخُلِ الْقَاتِلُ عَمْدًا لِأَبِيهِ أوجده أَوْ أَخِيهِ أَوْ عَمِّهِ بِالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ، وَأَنَّهُ لَا يَرِثُ مِنْ مَالِ مَنْ قَتَلَهُ وَلَا مِنْ دِيَتِهِ شَيْئًا، عَلَى مَا تَقَدَّمَ بيانه في البقرة (?). فإن قتله خط فَلَا مِيرَاثَ لَهُ مِنَ الدِّيَةِ، وَيَرِثُ مِنَ الْمَالِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ، وَلَا يَرِثُ فِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَسُفْيَانَ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، مِنَ الْمَالِ وَلَا مِنَ الدِّيَةِ شَيْئًا، حَسْبَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي الْبَقَرَةِ (?). وَقَوْلُ مَالِكٍ أَصَحُّ، وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ. وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَمُجَاهِدٍ وَالزُّهْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَابْنِ الْمُنْذِرِ، لِأَنَّ مِيرَاثَ مَنْ وَرَّثَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ ثَابِتٌ لَا يُسْتَثْنَى مِنْهُ إِلَّا بِسُنَّةٍ أَوْ إِجْمَاعٍ. وَكُلُّ مُخْتَلَفٍ فِيهِ فَمَرْدُودٌ إِلَى ظَاهِرِ الْآيَاتِ الَّتِي فيها المواريث.