وَالْمَرْقَبُ: الْمَكَانُ الْعَالِي الْمُشْرِفُ، يَقِفُ عَلَيْهِ الرَّقِيبُ. وَالرَّقِيبُ: السَّهْمُ الثَّالِثُ مِنَ السَّبْعَةِ الَّتِي لَهَا أَنْصِبَاءُ «1» .. وَيُقَالُ: إِنَّ الرَّقِيبَ ضَرْبٌ مِنَ الْحَيَّاتِ، فهو لفظ مشترك. والله أعلم.
وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً (?)
فِيهِ خَمْسُ مَسَائِلَ: الْأُولَى قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ) وَأَرَادَ بِالْيَتَامَى الَّذِينَ كَانُوا أَيْتَامًا، كَقَوْلِهِ: (وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ «2») وَلَا سِحْرَ مَعَ السُّجُودِ، فَكَذَلِكَ لَا يُتْمَ مَعَ الْبُلُوغِ «3». وَكَانَ يُقَالُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَتِيمُ أَبِي طَالِبٍ) اسْتِصْحَابًا لِمَا كَانَ. (وَآتُوا) أَيْ أَعْطُوا. وَالْإِيتَاءُ الْإِعْطَاءُ. وَلِفُلَانٍ أَتْوٌ، أَيْ عَطَاءٌ. أَبُو زَيْدٍ: أَتَوْتُ الرَّجُلَ آتُوهُ إِتَاوَةً، وَهِيَ الرِّشْوَةُ. وَالْيَتِيمُ مَنْ لَمْ يَبْلُغِ الْحُلُمَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي (الْبَقَرَةِ) مُسْتَوْفًى «4». وَهَذِهِ الْآيَةُ خِطَابٌ لِلْأَوْلِيَاءِ وَالْأَوْصِيَاءِ. نَزَلَتْ- فِي قَوْلِ مُقَاتِلٍ وَالْكَلْبِيِّ- فِي رَجُلٍ مِنْ غَطَفَانَ [كَانَ مَعَهُ «5» [مَالٌ كَثِيرٌ لِابْنِ أَخٍ لَهُ يَتِيمٍ، فَلَمَّا بَلَغَ الْيَتِيمُ طَلَبَ الْمَالَ فَمَنَعَهُ عَمُّهُ، فَنَزَلَتْ، فَقَالَ الْعَمُّ: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْحُوبِ «6» الْكَبِيرِ! وَرَدَّ الْمَالَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ وَرَجَعَ بِهِ هَكَذَا فَإِنَّهُ يَحُلُّ دَارَهُ) يَعْنِي جَنَّتَهُ. فَلَمَّا قَبَضَ الْفَتَى الْمَالَ أَنْفَقَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (ثَبَتَ الْأَجْرُ وَبَقِيَ الْوِزْرُ). فَقِيلَ: كَيْفَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: (ثَبَتَ الْأَجْرُ لِلْغُلَامِ وَبَقِيَ الْوِزْرُ عَلَى وَالِدِهِ) لِأَنَّهُ كَانَ مُشْرِكًا. الثَّانِيةُ- وَإِيتَاءُ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ يَكُونُ بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا- إِجْرَاءُ الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ مَا دَامَتِ الْوِلَايَةُ، إِذْ لَا يُمْكِنُ إِلَّا ذَلِكَ لِمَنْ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَخْذَ الْكُلِّيَّ وَالِاسْتِبْدَادَ كَالصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ الْكَبِيرِ. الثَّانِي- الْإِيتَاءُ بِالتَّمَكُّنِ وَإِسْلَامِ الْمَالِ إليه، وذلك عند الابتلاء والإرشاد،