وَلِلَّهِ أَنْ يُقْسِمَ بِمَا شَاءَ وَيَمْنَعَ مَا شَاءَ وَيُبِيحَ مَا شَاءَ، فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ قَسَمًا. وَالْعَرَبُ تُقْسِمُ بِالرَّحِمِ. وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ مُرَادَةً فَحَذَفَهَا (?) كَمَا حَذَفَهَا فِي قَوْلِهِ:
مَشَائِيمُ لَيْسُوا مُصْلِحِينَ عَشِيرَةً ... وَلَا نَاعِبٍ إِلَّا بِبَيْنٍ غُرَابُهَا
فَجَرَّ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ بَاءٌ. قَالَ ابْنُ الدَّهَّانِ أَبُو مُحَمَّدٍ سَعِيدُ بْنُ مُبَارَكٍ: وَالْكُوفِيُّ يُجِيزُ عَطْفَ الظَّاهِرِ عَلَى الْمَجْرُورِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
آبَكَ أَيِّهْ بِيَ أَوْ مُصَدَّرِ ... مِنْ حُمُرِ الْجِلَّةِ جَأْبٍ حَشْوَرِ (?)
وَمِنْهُ:
فَاذْهَبْ فَمَا بِكَ وَالْأَيَّامِ مِنْ عَجَبِ
وَقَوْلُ الْآخَرِ:
وَمَا بَيْنَهَا وَالْكَعْبِ غَوْطٌ نَفَانِفُ
وَمِنْهُ:
فَحَسْبُكَ وَالضَّحَّاكِ سَيْفٌ مُهَنَّدُ
وَقَوْلُ الْآخَرِ:
وَقَدْ رَامَ آفَاقَ السَّمَاءِ فَلَمْ يَجِدْ ... لَهُ مَصْعَدًا فِيهَا وَلَا الْأَرْضِ مَقْعَدَا
وَقَوْلُ الْآخَرِ:
مَا إِنْ بِهَا وَالْأُمُورِ مِنْ تَلَفٍ ... مَا حُمَّ مِنْ أَمْرِ غَيْبِهِ (?) وَقَعَا
وَقَوْلُ الْآخَرِ:
أَمُرُّ عَلَى الْكَتِيبَةِ لَسْتُ أَدْرِي ... أَحَتْفِي كَانَ فِيهَا أَمْ سِوَاهَا
فِ «سِوَاهَا» مَجْرُورُ الْمَوْضِعِ بِفِي. وَعَلَى هَذَا حَمَلَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ تَعَالَى: (وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ (?)) فَعَطَفَ عَلَى الْكَافِ وَالْمِيمِ. وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ (وَالْأَرْحَامُ) بِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ، وَالْخَبَرُ مُقَدَّرٌ، تَقْدِيرُهُ: وَالْأَرْحَامُ أَهْلٌ أَنْ تُوصَلَ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إِغْرَاءً، لِأَنَّ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَرْفَعُ الْمُغْرَى. وَأَنْشَدَ [الْفَرَّاءُ (?)]: