أَحْيَانِهِ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ كَوْنُهُ عَلَى الْخَلَاءِ وَغَيْرُ ذَلِكَ. وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا، فَأَجَازَ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو وَابْنُ سِيرِينَ وَالنَّخَعِيُّ، وَكَرِهَ ذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٌ وَالشَّعْبِيُّ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِعُمُومِ الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ. قَالَ النَّخَعِيُّ: لَا بَأْسَ بِذِكْرِ. اللَّهِ فِي الْخَلَاءِ فَإِنَّهُ يَصْعَدُ. الْمَعْنَى: تَصْعَدُ بِهِ الْمَلَائِكَةُ مَكْتُوبًا فِي صُحُفِهِمْ، فَحَذَفَ الْمُضَافَ. دَلِيلُهُ قول تَعَالَى:" مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ" [ق: 18] (?). وقال:" وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ كِراماً كاتِبِينَ" [الانفطار: 11 - 10] (?). ولان اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ عِبَادَهُ بِالذِّكْرِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَمْ يَسْتَثْنِ فَقَالَ:" اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً" [الأحزاب: 41] (?) وقال:" فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ" [البقرة: 152] (?) وَقَالَ:" إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا" [الكهف: 3] (?) فَعَمَّ. فَذَاكِرُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى كُلِّ حَالَاتِهِ مُثَابٌ مَأْجُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَذَكَرَ أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَرْوَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ قَالَ قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: (يَا رَبِّ أَقَرِيبٌ أَنْتَ فَأُنَاجِيَكَ أَمْ بَعِيدٌ فَأُنَادِيَكَ قَالَ: يَا مُوسَى أَنَا جَلِيسُ مَنْ ذَكَرَنِي قَالَ: يَا رَبِّ فَإِنَّا نَكُونُ مِنَ الْحَالِ عَلَى حَالٍ نُجِلُّكَ وَنُعَظِّمُكَ أَنْ نَذْكُرَكَ قَالَ: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: الْجَنَابَةُ وَالْغَائِطُ قَالَ: يَا مُوسَى اذْكُرْنِي عَلَى كُلِّ حَالٍ (. وَكَرَاهِيَةُ مَنْ كَرِهَ ذَلِكَ إِمَّا لِتَنْزِيهِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْمَوَاضِعِ الْمَرْغُوبِ عَنْ ذِكْرِهِ فِيهَا كَكَرَاهِيَةِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الْحَمَّامِ، وَإِمَّا إِبْقَاءً عَلَى الْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ عَلَى أَنْ يُحِلَّهُمْ مَوْضِعَ الْأَقْذَارِ وَالْأَنْجَاسِ لِكِتَابَةِ مَا يَلْفِظُ بِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَ (قِياماً وَقُعُوداً) نُصِبَ عَلَى الْحَالِ. (وَعَلى جُنُوبِهِمْ) فِي موضع الحال، أي ومضطجعين ومثله قول تَعَالَى:" دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً" [يونس: 12] (?) عَلَى الْعَكْسِ، أَيْ دَعَانَا مُضْطَجِعًا عَلَى جَنْبِهِ. وذهب، جماعة من المفسرين منهم الحسن وغير إِلَى أَنَّ قَوْلَهُ" يَذْكُرُونَ اللَّهَ" إِلَى آخِرِهِ، إِنَّمَا هُوَ عِبَارَةٌ عَنِ الصَّلَاةِ، أَيْ لَا يُضَيِّعُونَهَا، فَفِي حَالِ الْعُذْرِ يُصَلُّونَهَا قُعُودًا أَوْ على جنوبهم. وهي مثل قول تَعَالَى:" فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ" [النساء: 103] (?) فِي قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَلَى، مَا يَأْتِي بَيَانُهُ. وَإِذَا كَانَتِ الْآيَةُ فِي الصَّلَاةِ فَفِقْهُهَا أَنَّ الْإِنْسَانَ يُصَلِّي قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبِهِ، كَمَا ثبت عن عمران