" وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ" الآية. وقال:" فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ" [النحل: 42] «1» وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَوْلَا مَا أَخَذَ اللَّهُ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ مَا حَدَّثْتُكُمْ بِشَيْءٍ، ثُمَّ تلا هذه الآية" وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ". وقال الحسن بن عمارة: أتيت الزهري بعد ما تَرَكَ الْحَدِيثَ، فَأَلْفَيْتُهُ عَلَى بَابِهِ فَقُلْتُ: إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُحَدِّثَنِي. فَقَالَ: أَمَّا عَلِمْتَ أَنِّي تَرَكْتُ الْحَدِيثَ؟ فَقُلْتُ: إِمَّا أَنْ تُحَدِّثَنِي وَإِمَّا أَنْ أُحَدِّثَكَ. قَالَ حَدِّثْنِي. قُلْتُ: حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُولُ: مَا أَخَذَ اللَّهُ عَلَى الْجَاهِلِينَ أَنْ يَتَعَلَّمُوا حَتَّى أَخَذَ عَلَى الْعُلَمَاءِ أَنْ يُعَلِّمُوا. قَالَ: فَحَدَّثَنِي أَرْبَعِينَ حَدِيثًا. الثَّانِيَةُ- الْهَاءُ فِي قَوْلِهِ: (لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ) تَرْجِعُ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَهُ ذِكْرٌ. وَقِيلَ: تَرْجِعُ إِلَى الْكِتَابِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ بَيَانُ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِأَنَّهُ فِي الكتاب. وقال: (وَلا تَكْتُمُونَهُ) وَلَمْ يَقُلْ تَكْتُمُنَّهُ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْحَالِ، أَيْ لَتُبَيِّنُنَّهُ غَيْرَ كَاتِمِينَ. وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَعَاصِمٌ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ وَأَهْلُ مَكَّةَ" لَتُبَيِّنُنَّهُ" بِالتَّاءِ عَلَى حِكَايَةِ الْخِطَابِ. وَالْبَاقُونَ بِالْيَاءِ لِأَنَّهُمْ «2» غُيَّبٌ. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ «3» " وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَيُبَيِّنُنَّهُ". فَيَجِيءُ قَوْلُهُ (فَنَبَذُوهُ) عَائِدًا عَلَى النَّاسِ الَّذِينَ بَيَّنَ لَهُمُ الْأَنْبِيَاءُ. وَفِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ" لَيُبَيِّنُونَهُ" دُونَ النُّونِ الثَّقِيلَةِ. وَالنَّبْذُ الطَّرْحُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي" الْبَقَرَةِ" «4». (وَراءَ ظُهُورِهِمْ) مُبَالَغَةٌ فِي الاطراح، ومنه" وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا" [هود: 92] وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي" الْبَقَرَةِ" «5» بَيَانُهُ أَيْضًا. وَتَقَدَّمَ مَعْنَى قَوْلِهِ: (وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا) فِي" الْبَقَرَةِ" «6» فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَتِهِ. (فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ) تقدم أيضا «7». والحمد لله.
لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (188)