وَشَيْئًا مِنْ آلَةِ الْحَرْثِ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:" لَا يَدْخُلُ هَذَا بَيْتَ قَوْمٍ إِلَّا دَخَلَهُ الذُّلُّ". قِيلَ: إِنَّ الذُّلَّ هُنَا مَا يَلْزَمُ أَهْلَ الشُّغْلِ بِالْحَرْثِ مِنْ حُقُوقِ الْأَرْضِ الَّتِي يُطَالِبُهُمْ بها الأئمة والسلاطين. وقال المهلب: معنى قول فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الْحَضُّ عَلَى مَعَالِي الْأَحْوَالِ وَطَلَبِ الرِّزْقِ مِنْ أَشْرَفِ الصِّنَاعَاتِ، وَذَلِكَ لَمَّا خَشِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُمَّتِهِ مِنَ الِاشْتِغَالِ بِالْحَرْثِ وَتَضْيِيعِ رُكُوبِ الْخَيْلِ وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، لِأَنَّهُمْ إِنِ اشْتَغَلُوا بِالْحَرْثِ غَلَبَتْهُمُ الْأُمَمُ الرَّاكِبَةُ لِلْخَيْلِ الْمُتَعَيِّشَةُ مِنْ مَكَاسِبِهَا، فَحَضَّهُمْ عَلَى التَّعَيُّشِ مِنَ الْجِهَادِ لَا مِنَ الْخُلُودِ (?) إِلَى عِمَارَةِ الْأَرْضِ وَلُزُومِ الْمِهْنَةِ. أَلَا تَرَى أَنَّ عُمَرَ قَالَ: تَمَعْدَدُوا (?) وَاخْشَوْشِنُوا وَاقْطَعُوا (?) الرُّكُبَ وَثِبُوا عَلَى الْخَيْلِ وَثْبًا لَا تَغْلِبَنَّكُمْ عَلَيْهَا رُعَاةُ الْإِبِلِ. فَأَمَرَهُمْ بِمُلَازَمَةِ الْخَيْلِ، وَرِيَاضَةِ أَبْدَانِهِمْ بِالْوُثُوبِ عَلَيْهَا. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" ما من مُسْلِمٍ غَرَسَ غَرْسًا أَوْ زَرَعَ زَرْعًا فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ". قَالَ الْعُلَمَاءُ: ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَرْبَعَةَ أَصْنَافٍ مِنَ الْمَالِ، كُلُّ نَوْعٍ مِنَ الْمَالِ يَتَمَوَّلُ بِهِ صِنْفٌ مِنَ النَّاسِ، أَمَّا الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ فَيَتَمَوَّلُ بِهَا التُّجَّارُ، وَأَمَّا الْخَيْلُ الْمُسَوَّمَةُ فَيَتَمَوَّلُ بِهَا الْمُلُوكُ، وَأَمَّا الْأَنْعَامُ فَيَتَمَوَّلُ بِهَا أَهْلُ الْبَوَادِي، وَأَمَّا الْحَرْثُ فَيَتَمَوَّلُ بِهَا أَهْلُ الرَّسَاتِيقِ (?). فَتَكُونُ فِتْنَةُ كُلِّ صِنْفٍ فِي النَّوْعِ الَّذِي يَتَمَوَّلُ، فَأَمَّا النِّسَاءُ وَالْبَنُونَ فَفِتْنَةٌ لِلْجَمِيعِ. الْعَاشِرَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى:" ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا" أَيْ مَا يُتَمَتَّعُ بِهِ فِيهَا ثُمَّ يَذْهَبُ وَلَا يَبْقَى. وَهَذَا مِنْهُ تَزْهِيدٌ فِي الدُّنْيَا وَتَرْغِيبٌ فِي الْآخِرَةِ. رَوَى ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" إِنَّمَا الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَلَيْسَ مِنْ متاع الدنيا شي أَفْضَلَ مِنَ الْمَرْأَةِ الصَّالِحَةِ". وَفِي الْحَدِيثِ:" ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبُّكَ اللَّهُ" أَيْ فِي مَتَاعِهَا مِنَ الْجَاهِ وَالْمَالِ الزَّائِدِ عَلَى الضَّرُورِيِّ. قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" لَيْسَ لِابْنِ آدَمَ حَقٌّ فِي سِوَى هَذِهِ