الْخَامِسَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) الذَّهَبُ، مُؤَنَّثَةٌ (?)، يُقَالُ: هِيَ الذَّهَبُ الْحَسَنَةُ جَمْعُهَا ذَهَابٌ (?) وَذُهُوبٌ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَمْعَ ذَهَبَةٍ، وَيُجْمَعُ على الا ذهاب. وَذَهَبَ فُلَانٌ مَذْهَبًا حَسَنًا. وَالذَّهَبُ: مِكْيَالٌ لِأَهْلِ الْيَمَنِ. وَرَجُلٌ ذَهِبٌ إِذَا رَأَى مَعْدِنَ الذَّهَبِ فَدَهِشَ. وَالْفِضَّةُ مَعْرُوفَةٌ، وَجَمْعُهَا فِضَضٌ. فَالذَّهَبُ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الذَّهَابِ، وَالْفِضَّةُ مَأْخُوذَةٌ مِنِ انْفَضَّ الشَّيْءُ تَفَرَّقَ، وَمِنْهُ فَضَضْتُ الْقَوْمَ فَانْفَضُّوا، أَيْ فَرَّقْتُهُمْ فَتَفَرَّقُوا. وَهَذَا الِاشْتِقَاقُ يُشْعِرُ بِزَوَالِهِمَا وَعَدَمِ ثُبُوتِهِمَا كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ فِي الْوُجُودِ. وَمِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ فِي هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُ بَعْضِهِمْ:
النَّارُ آخِرُ دِينَارٍ نَطَقْتَ بِهِ ... وَالْهَمُّ آخِرُ هَذَا الدِّرْهَمِ الْجَارِي
وَالْمَرْءُ بَيْنَهُمَا إِنْ كَانَ ذَا وَرَعٍ ... مُعَذَّبُ الْقَلْبِ بَيْنَ الْهَمِّ وَالنَّارِ
السَّادِسَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى (وَالْخَيْلِ) الْخَيْلُ مُؤَنَّثَةٌ. قَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: حُدِّثْتُ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ أَنَّهُ قَالَ: وَاحِدُ الْخَيْلِ خَائِلٌ، مِثْلُ طَائِرٍ وَطَيْرٍ، وَضَائِنٍ وَضَيْنٍ، وَسُمِّيَ الْفَرَسُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَخْتَالُ فِي مَشْيِهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ اسْمُ جَمْعٍ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ واحد فَرَسٌ كَالْقَوْمِ وَالرَّهْطِ وَالنِّسَاءِ وَالْإِبِلِ وَنَحْوِهَا. وَفِي الْخَبَرِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْفَرَسَ مِنَ الرِّيحِ وَلِذَلِكَ جَعَلَهَا تَطِيرُ بِلَا جَنَاحٍ". وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: خَلَقَهَا مِنْ رِيحِ الْجَنُوبِ. قَالَ وَهْبٌ: فَلَيْسَ تَسْبِيحَةٌ وَلَا تَكْبِيرَةٌ وَلَا تَهْلِيلَةٌ يُكَبِّرُهَا صَاحِبُهَا إِلَّا وَهُوَ يَسْمَعُهَا فَيُجِيبُهُ بِمِثْلِهَا. وَسَيَأْتِي لِذِكْرِ الْخَيْلِ وَوَصْفِهَا فِي سُورَةِ" الْأَنْفَالِ" (?) مَا فِيهِ كِفَايَةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَفِي الْخَبَرِ:" إِنَّ اللَّهَ عَرَضَ عَلَى آدَمَ جَمِيعَ الدَّوَابِّ، فَقِيلَ لَهُ: اخْتَرْ مِنْهَا وَاحِدًا فَاخْتَارَ الْفَرَسَ، فَقِيلَ لَهُ: اخْتَرْتَ عِزَّكَ، فَصَارَ اسْمُهُ الْخَيْرَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وَسُمِّيَتْ خَيْلًا لِأَنَّهَا مَوْسُومَةٌ بِالْعِزِّ فَمَنْ رَكِبَهُ اعْتَزَّ بِنِحْلَةِ اللَّهِ لَهُ وَيَخْتَالُ بِهِ عَلَى أَعْدَاءِ الله تعالى. وسمي فرسا