تفسير القرطبي (صفحة 1341)

وَالْخَطَأِ. فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: قَدْ أُعْطِيتَ ذَلِكَ قَدْ رُفِعَ عَنْ أُمَّتِكَ الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ. فَسَلْ شَيْئًا آخَرَ فَقَالَ:" رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً" يَعْنِي ثِقَلًا" كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا" وَهُوَ أَنَّهُ حَرَّمَ عَلَيْهِمُ الطَّيِّبَاتِ بِظُلْمِهِمْ، وَكَانُوا إِذَا أَذْنَبُوا بِاللَّيْلِ وَجَدُوا ذَلِكَ مَكْتُوبًا عَلَى بَابِهِمْ، وَكَانَتِ الصَّلَوَاتُ عَلَيْهِمْ خَمْسِينَ، فَخَفَّفَ اللَّهُ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَحَطَّ عَنْهُمْ بعد ما فَرَضَ خَمْسِينَ صَلَاةً. ثُمَّ قَالَ:" رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا مَا لَا طاقَةَ لَنا بِهِ" يَقُولُ: لَا تُثْقِلْنَا مِنَ الْعَمَلِ مَا لَا نُطِيقُ فَتُعَذِّبَنَا، وَيُقَالُ: مَا تَشُقُّ عَلَيْنَا، لِأَنَّهُمْ لَوْ أُمِرُوا بِخَمْسِينَ صَلَاةً لَكَانُوا يُطِيقُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ وَلَا يُطِيقُونَ الْإِدَامَةَ عَلَيْهِ" وَاعْفُ عَنَّا" مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ" وَاغْفِرْ لَنا" وَتَجَاوَزْ عَنَّا، وَيُقَالُ:" وَاعْفُ عَنَّا" مِنَ الْمَسْخِ" وَاغْفِرْ لَنا" مِنَ الْخَسْفِ" وَارْحَمْنا" مِنَ الْقَذْفِ، لِأَنَّ الْأُمَمَ الْمَاضِيَةَ بَعْضُهُمْ أَصَابَهُمُ الْمَسْخُ وَبَعْضُهُمْ أَصَابَهُمُ الْخَسْفُ وَبَعْضُهُمُ الْقَذْفُ ثُمَّ قَالَ:" أَنْتَ مَوْلانا" يَعْنِي وَلِيُّنَا وَحَافِظُنَا" فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ" فَاسْتُجِيبَتْ دَعْوَتُهُ. وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:" نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ" وَيُقَالُ إِنَّ الْغُزَاةَ: إِذَا خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِالنِّيَّةِ الْخَالِصَةِ وَضَرَبُوا بِالطَّبْلِ وَقَعَ الرُّعْبُ وَالْهَيْبَةُ فِي قُلُوبِ الْكُفَّارِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ فِي شَهْرٍ، عَلِمُوا بِخُرُوجِهِمْ أَوْ لَمْ يَعْلَمُوا، ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَجَعَ أَوْحَى اللَّهُ هَذِهِ الْآيَاتِ، لِيُعْلِمَ أُمَّتَهُ بِذَلِكَ. وَلِهَذِهِ الْآيَةِ تَفْسِيرٌ آخَرُ، قَالَ الزَّجَّاجُ: لَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ السُّورَةِ فَرْضَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَبَيَّنَ أَحْكَامَ الْحَجِّ وَحُكْمَ الْحَيْضِ وَالطَّلَاقِ وَالْإِيلَاءِ وَأَقَاصِيصَ الْأَنْبِيَاءِ وَبَيَّنَ حُكْمَ الرِّبَا، ذَكَرَ تَعْظِيمَهُ سُبْحَانَهُ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:" لِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ" ثُمَّ ذَكَرَ تَصْدِيقَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ ذَكَرَ تَصْدِيقَ الْمُؤْمِنِينَ بِجَمِيعِ ذَلِكَ فَقَالَ:" آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ" أَيْ صَدَّقَ الرَّسُولُ بِجَمِيعِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي جَرَى ذِكْرُهَا وَكَذَلِكَ الْمُؤْمِنُونَ كُلُّهُمْ صَدَّقُوا بالله وملائكته وكتبه ورسله

(?) [.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015