إِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الزَّكَاةِ، وَهَذَا مِمَّا لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، فَإِنْ كَانَ مِنَ الزَّكَاةِ فَفِيهِ خِلَافٌ يَأْتِي بَيَانُهُ فِي آيَةِ الصَّدَقَاتِ (?) إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. السَّادِسَةُ- قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: مِنْ أَحْسَنِ مَا رُوِيَ مِنْ أَجْوِبَةِ الْفُقَهَاءِ فِي مَعَانِي السُّؤَالِ وَكَرَاهِيَتِهِ وَمَذْهَبِ أَهْلِ الْوَرَعِ فِيهِ مَا حَكَاهُ الْأَثْرَمُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَقَدْ سُئِلَ عَنِ الْمَسْأَلَةِ مَتَى تَحِلُّ قَالَ: إِذَا لَمْ يَكُنْ عنده مَا يُغَذِّيهِ وَيُعَشِّيهِ عَلَى حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ الْحَنْظَلِيَّةِ. قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: فَإِنِ اضْطُرَّ إِلَى الْمَسْأَلَةِ؟ قَالَ: هِيَ مُبَاحَةٌ لَهُ إِذَا اضْطُرَّ. قِيلَ لَهُ: فَإِنْ تَعَفَّفَ؟ قَالَ: ذَلِكَ خَيْرٌ لَهُ. ثُمَّ قَالَ: مَا أَظُنُّ أَحَدًا يَمُوتُ مِنَ الْجُوعِ! اللَّهُ يَأْتِيهِ بِرِزْقِهِ. ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ" مَنِ اسْتَعَفَّ أَعَفَّهُ اللَّهُ". وَحَدِيثَ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ:" تَعَفَّفْ". قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَسَمِعْتُهُ يَسْأَلُ عَنِ الرَّجُلِ لَا يَجِدُ شَيْئًا أَيَسْأَلُ النَّاسَ أَمْ يَأْكُلُ الْمَيْتَةَ؟ فَقَالَ: أَيَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَهُوَ يَجِدُ مَنْ يَسْأَلُهُ، هَذَا شَنِيعٌ. قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَسْأَلُهُ هَلْ يَسْأَلُ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ؟ قَالَ لَا، وَلَكِنْ يُعَرِّضُ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ مُجْتَابِي (?) النِّمَارِ فَقَالَ:" تَصَدَّقُوا" وَلَمْ يَقُلْ أَعْطُوهُمْ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: قَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا". وَفِيهِ إِطْلَاقُ السُّؤَالِ لِغَيْرِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ:" أَلَا رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هذا"؟ قال أبو بكر: قل لَهُ- يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ- فَالرَّجُلُ يَذْكُرُ الرَّجُلَ فَيَقُولُ: إِنَّهُ مُحْتَاجٌ؟ فَقَالَ: هَذَا تَعْرِيضٌ وَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، إِنَّمَا الْمَسْأَلَةُ أَنْ يَقُولَ أَعْطِهِ. ثُمَّ قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَسْأَلَ الْمَرْءُ لِنَفْسِهِ فَكَيْفَ لِغَيْرِهِ؟ وَالتَّعْرِيضُ هُنَا أَحَبُّ إِلَيَّ. قُلْتُ: قَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ الْفِرَاسِيَّ (?) قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَسْأَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قال:" لا وإن كنت سائلا لأبد فَاسْأَلِ الصَّالِحِينَ". فَأَبَاحَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُؤَالَ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالصَّلَاحِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَى ذلك، وإن أوقع حاجته