تفسير القرطبي (صفحة 100)

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آنِفًا؟ قَالَ:" إِنِّي لِأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ ذَا عَنْهُ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ". فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: أَمَجْنُونَا تَرَانِي! أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا. وَرَوَى مُسْلِمٌ أَيْضًا عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيِّ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إن الشيطان قد حلا بَيْنِي وَبَيْنَ صَلَاتِي وَقِرَاءَتِي يُلْبِّسُهَا عَلَيَّ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" ذَاكَ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ خَنْزَبٌ (?) فَإِذَا أَحْسَسْتَهُ فتعوذ مِنْهُ وَاتْفُلْ عَنْ يَسَارِكَ ثَلَاثًا" قَالَ: فَفَعَلْتُ فَأَذْهَبَهُ اللَّهُ عَنِّي. وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَافَرَ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ الليل قال:" يأرص رَبِّي وَرَبُّكِ اللَّهُ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّكِ ومن شَرِّ مَا خُلِقَ فِيكِ وَمِنْ شَرِّ مَا يدب عليك ومن أسد وأسود ومن الحية والعقرب ومن ساكني الْبَلَدِ وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ. وَرَوَتْ خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:" مَنْ نَزَلَ مَنْزِلًا ثُمَّ قَالَ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ ما خلق لم يضره شي حتى يرتحل". وأخرجه الْمُوَطَّأُ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صحيح. وما يتعوذ منه كثيرا ثَابِتٌ فِي الْأَخْبَارِ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ. التَّاسِعَةُ مَعْنَى الاستعاذة في كلام العرب، الستجارة وَالتَّحَيُّزُ إِلَى الشَّيْءِ عَلَى، مَعْنَى الِامْتِنَاعِ بِهِ مِنَ الْمَكْرُوهِ، يُقَالُ: عُذْتُ بِفُلَانٍ وَاسْتَعَذْتُ بِهِ، أي لجأت إليه. وهو عياذي، أي ملجئ. وَأَعَذْتُ غَيْرِي بِهِ وَعَوَّذْتُهُ بِمَعْنًى. وَيُقَالُ: عَوْذٌ بِاللَّهِ مِنْكَ، أَيْ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ، قَالَ الرَّاجِزُ:

قَالَتْ وَفِيهَا حَيْدَةٌ وَذُعْرُ ... عَوْذٌ بِرَبِّي مِنْكُمْ وَحُجْرُ

وَالْعَرَبُ تَقُولُ عِنْدَ الْأَمْرِ [تُنْكِرُهُ (?)]: حُجْرًا لَهُ (بِالضَّمِّ) أَيْ دَفْعًا، وَهُوَ اسْتِعَاذَةٌ مِنَ الْأَمْرِ. وَالْعَوْذَةُ وَالْمُعَاذَةُ وَالتَّعْوِيذُ كُلُّهُ بِمَعْنًى. واصل أَعْوُذُ نُقِلَتِ الضَّمَّةُ إِلَى الْعَيْنِ لِاسْتِثْقَالِهَا عَلَى الواو فسكنت.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015