قال تعالى: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ} [الأنعام:143].
قوله: ((ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ)) ثمانية بدل من قوله: {حَمُولَةً وَفَرْشًا} [الأنعام:142]، ويمكن أن يكون مفعولاً به لقوله: (كلوا) يعني: يباح لكم أكل (ثمانية أزواج).
وقوله: (أزواج) الأزواج: جمع زوج، والزوج هو ما معه آخر من جنسه يزاوجه، كما قال تعالى: {وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى} [النجم:45] وقد يقال بمجموعهما، والمراد الأول، أي أن كلمة الزوج تطلق أحياناً على المجموع، ويمكن أن يطلق على كل واحد منهما أنه زوج الآخر.
ثم فصل عز وجل فقال: ((ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ)).
قوله: ((مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ)) يعني: من الضأن زوجين اثنين.
أي: ذكراً وأنثى، وهو الكبش الذكر والنعجة الأنثى.
وقوله: ((وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ)) وهما التيس والعنز، والتيس هو ذكر الماعز، والعنز هي الأنثى.
قال تعالى: (قل) تبكيتاً لهم وإظهار لانقطاعهم عن الجواب ((آلذَّكَرَيْنِ)) يعني: من الضأن والمعز ((حَرَّمَ أَمِ الأُنْثَيَيْنِ)) وقوله: (آلذكرين) المراد هنا الكبش والتيس، وهما من الضأن والمعز.
وقوله: ((حَرَّمَ أَمِ الأُنْثَيَيْنِ)) يعني: حرم الله عليكم -أيها المشركون- الأنثيين منهما، وهما النعجة والعنز؟! وقوله: ((أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ)) أي: أم ما حملت إناث الجنسين ذكراً كان أو أنثى، أي: الجنين، كما قالوا: {مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ} [الأنعام:139].
وقوله: ((نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ))، أي: أنتم تحرمون وتحللون، وتقولون: هذا ما أحل الله سبحانه وتعالى، وهذا ما حرمه، فماذا فعلتم أنتم؟ وهذا تسكيت لهم.
وقوله: (بعلم) يعني: بدليل نقلي من كتب أوائل الرسل، أو عقلي في الفرق بين هذين النوعين والنوعين الآتيين.
وقوله: (إن كنتم صادقين) يعني: في دعوى التحريم فائتوني بدليل.
وفي قوله تعالى: (نبئوني بعلم) تكرير للإلزام، وتثنية للتبكيت والإفحام.