قال تعالى: {وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [البقرة:53].
(والفرقان) عطف تفسير على الكتاب يعني: ((وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ)) الذي هو الفرقان، فعطف الفرقان على التوراة عطف تفسير، والمقصود من ذلك الكتاب الفارق بين الحق والباطل والحلال والحرام، فنزلت الصفات منزلة تغاير الذوات، فعطفها عليها، كما يقول الشاعر: إلى الملك القرم وابن الهمام وليث الكتيبة في المزدحم وهنا القاسمي زاد ذلك توضيحاً فقال: ((وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ)) يعني: الجامع بين كونه كتاباً منزلاً وفرقاناً يفرق بين الحق والباطل كقولك: (رأيت الغيث والليث)، فهذا مثال آخر غير بيت الشعر، فهل معنى ذلك (رأيت الغيث) المطر (والليث) الأسد أم أنك تقصد مدح رجل بصفتين؟ تقصد مدح رجل واحد بصفتين فقلت: (رأيت الغيث والليث) وتريد الرجل الجامع بين صفة الغيث، وصفة الليث، فالغيث صفة الكرم كما في الحديث: (كان أجود من الريح المرسلة)، ومعنى المثل: رأيت رجلاً جامعاً بين الكرم والجراءة والشجاعة، ونحو ذلك قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ} [الأنبياء:48]، ثلاث صفات في وصف شيء واحد وهو التوراة، {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ} [الأنبياء:48] يعني: الكتاب الجامع بين كونه فرقاناً وضياء وذكرى.
((لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)) يعني: لكي تهتدوا بالعمل بما فيه من الأحكام.