واستدل الجمهور بقوله تعالى: (قل أي شيء أكبر شهادة) على جواز إطلاق لفظة (شيء) على الله تعالى، وكذا استدلوا بقوله سبحانه وتعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ} [القصص:88] فإن المستثنى يجب أن يدخل تحت المستثنى منه، وذلك لأن الشيء أعم العام؛ لوقوعه على كل ما يصح أن يعلم ويخبر عنه، وبعض العلماء منع إطلاق لفظة (شيء) على الله سبحانه وتعالى، واستدلوا بقوله تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف:180]، والاسم إنما يحسن بحسن مسماه، أي أن أسماء الله حسنى لحسن مسماها، وهو أن يدل على صفة من صفات الكمال ونعت من نعوت الجلال، كما هو معلوم في أسمائه عز وجل الحسنى، ولفظ (شيء) أعم الأشياء، فهذه حجة من لا يجيز إطلاق لفظة (شيء) على الله، قالوا: إن كلمة (شيء) أعم الأشياء، فيكون مسماه حاصلاً في أحسن الأشياء وفي أرذلها، فالأشياء الحقيرة أو الصغيرة يطلق عليها أشياء، والأشياء العظيمة -أيضاً- تسمى أشياء، ومتى كان كذلك لم يكن المسمى بهذا اللفظ صفة من صفات الكمال، فوجب أن لا يجوز تسمية الله بهذا الاسم؛ لأنه ليس من الأسماء الحسنى، وقد أمر تعالى بأن يدعى بها.
وأجيب بأن كونه ليس من الأسماء الحسنى لكونها توقيفية، أي: أنه يطلق على الله لفظ (شيء)، لكنه ليس من الأسماء الحسنى، فيطلق عليه لفظ (شيء) للآيتين اللتين ذكرناهما، وهما قوله تعالى: ((قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلْ اللَّهُ)) وقوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ} [القصص:88].
فهو يطلق على الله عز وجل، لكن ليس من الأسماء الحسنى؛ لأن الأسماء الحسنى توقيفية، ولكونه لا يدعى به الله سبحانه وتعالى؛ إذ لا يقال في دعائه: يا شيء.
لأن هذا لم يرد، لكن هذا لا ينافي أن كلمة (شيء) تشمل الذات العلية شمول العام، والمراد بإطلاقها عليه تعالى فيما تقدم شموله، لا تسميته به، وهذا لفظ شامل، ومما يشمله أن يطلق على الله سبحانه وتعالى.
وبالجملة فلا يلزم من كونه ليس من الأسماء الحسنى أن لا يشمل الذات المقدسة شمولاً كلياً.