قال السيوطي رحمه الله تعالى: ونزل في علمائهم، وكانوا يقولون لأقربائهم المسلمين: اثبتوا على دين محمد فإنه دين الحق، {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ} [البقرة:44] يعني: يا أيها اليهود! أتأمرون الناس بالبر يعني: بالإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم، (وتنسون أنفسكم) النسيان هنا بمعنى: الترك، والنسيان يأتي بمعنى ضد التذكر، وبمعنى الترك، فهنا: (وتنسون) يعني: تتركون أنفسكم فلا تأمرونها بالإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم، وأنتم تتلون الكتاب، يعني: التوراة، وفيها الوعيد على مخالفة القول العمل؛ لكن إذا قلنا: إن الخطاب لأمة محمد صلى الله عليه وسلم فالكتاب المقصود به هو القرآن الكريم، فإنه يستقيم أن يكون الخطاب لليهود، وذلك إذا قلنا: إن الكتاب هو التوراة، فإذا قلنا: هو القرآن فيعم كل من يخاطب بهذا القرآن الشريف.
وقوله: {أَفَلا تَعْقِلُونَ} [البقرة:44] يعني: أفلا تعقلون سوء فعلكم، وترجعون؟! فجملة النسيان هي محل الاستفهام الاستنكاري أي: كيف يحصل منكم ذلك؟ هذا هو المقصود.