يقول تعالى: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [المائدة:42].
قوله تعالى: ((أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ)) بضم الحاء وسكونها، أي: (السحُت) أو (السحْت).
والمقصود الحرام، كالرشوة.
((فَإِنْ جَاءُوكَ)) يعني: لتحكم بينهم (فاحكم بينهم أو أعرض عنهم) فهنا تخيير للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا التخيير منسوخ بقوله تعالى: ((وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ)) فيجب الحكم بينهم إذا ترافعوا إلينا، وهو أصح قولي الشافعي، فلو ترافعوا إلينا مع مسلم وجب الحكم بينهم إجماعاً.
لكن لو أقاموا الحد فيما بينهم فمرجعه إلى الإمام كالحكم الأول، وهو أن الإمام مخير كما في الآية (فاحكم بينهم أو أعرض عنهم) على وجه التخيير، ثم نسخ بقوله: ((وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ)) يعني: ما داموا ترافعوا إلينا فيجب أن يكون الحكم بينهم لا على سبيل التخيير وهو أصح قولي الشافعي، فلو ترافعوا إلينا مع مسلم وجب ذلك إجماعاً.
وقوله تعالى: ((وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ)) يعني: بينهم ((فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ)) أي: بالعدل ((إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)) العادلين في الحكم.
ومن التأويل أن يفسر السيوطي قوله تعالى: (إن الله يحب المقسطين) بالإثابة.
لكن هذه من صفات الله تبارك وتعالى.