قال تبارك وتعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا} [النساء:175] أي: عصموا به أنفسهم مما يرديها من زيغ الشيطان.
((فسيدخلهم في رحمة منه)) أي: الجنة.
((وفضل)) يعني: يتفضل به عليهم بعد إدخالهم الجنة، فإنهم بعد أن يدخلهم الجنة يتفضل عليهم بأن ينظروا إلى وجهه الكريم وغير ذلك من مواهبه الجليلة.
((ويهديهم إليه صراطاً مستقيماً)) يعني: فيخلفهم بتمسكهم بالبرهان والنور المبين الطريق الواضح الفصل وهو الإسلام.
وتقديم ذكر الوعد بإدخال الجنة على الوعد بالهداية إليها على خلاف الترتيب في الوجود بين الموعودين؛ للمسارعة إلى التبشير بما هو المقصد الأصلي.
يعني: أن الله سبحانه وتعالى بدأ أولاً بذكر الجنة: ((فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ)) ثم قال بعد ذلك: ((وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا))، مع أن الهداية تكون أولاً ثم تكون بعد ذلك الغاية وهي الجنة، والمقصود بهذا الخلاف في الترتيب هو المسارعة إلى التبشير بالمقصد الأصلي وهو الفوز بالجنة.