قوله تبارك وتعالى: {إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} [البقرة:34] فيها قولان: أحدهما: أنه وقت العبادة كان منافقاً من الكافرين، يعني: كان يعبد الله مع الملائكة، لكن كان منافقاً كذاباً في هذه العبادة.
القول الثاني: أنه كان مؤمناً ثم كفر، يعني: أنه كان من الكافرين في سابق علم الله، أو صار من الكافرين، وهذا قول الأكثرين، أي: أنه كان مؤمناً ثم كفر.
والذي عليه الأكثرون أن إبليس هو أول كافر بالله.
واختلف الناس بأي سبب كفر إبليس لعنه الله: فقالت الخوارج: إنما كفر بمعصية الله، وكل معصية كفر، وهذا قول باطل بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، إذ ليس كل معصية كفراً.
وقال آخرون: كفر بترك السجود لآدم ومخالفته أمر الله.
وقال آخرون: كفر لأنه خالف الأمر الشفهي من الله، فإن الله خاطب الملائكة وأمرهم بالسجود، ومخالفة الأمر الشفهي أشد قبحاً.
وقال جمهور الناس: كفر إبليس لأنه أبى السجود واستكبر وعاند وطعن واعتقد أنه محق في تمرده؛ لأن إبليس طعن في حكمة الله وأمره، وهذا كفر لا شك، بخلاف المعصية الظاهرة، واستدل أيضاً إبليس بقوله: أنا خير منه، فكأنه ترك السجود لآدم تسفيهاً لأمر الله وحكمته، وهذا الكبر عبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر).