قوله: (ولا تقتلوا أنفسكم) أي: بارتكاب الذي يؤدي إلى هلاكها سواء كان في الدنيا أو الآخرة.
((إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا))، يعني: في منعه لكم من أن تهلكوا أنفسكم.
((وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ)) يعني: ما نهي عنه.
((عُدْوَانًا)) كأن ينتحر، ومعنى: (عدواناً) تجاوزاً للحلال، وهي حال من فاعل (يفعل) أي: يفعل ذلك متعدياً فيه، ظالماً في تعاطيه، عالماً بتحريمه متجاسراً على انتهاكه {وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا} [النساء:30] سوف ندخله ناراً هائلة شديدة الحرارة يحترق فيها.
{وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} [النساء:30]، يعني: كان إصلاؤه النار على الله يسيراً، وهيناً لا عسر فيه، ولا صارف عنه؛ لأن الله تبارك وتعالى لا يعجزه شيء.
قوله تبارك وتعالى: ((وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ))، فيه وجهان للتفسير: الوجه الأول: (ولا تقتلوا أنفسكم) أي: لا تقتلوا من كان من جنسكم من المؤمنين، فإن المؤمنين كلهم كنفس واحدة.
والتعبير عنهم بالأنفس للمبالغة في الزجر عن قتلهم، وذلك بتصوير القتل بصورة لا يكاد يفعلها عاقل، وقد ذكرنا أمثلة مشابهة لهذا مما جاء في القرآن كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ} [الحجرات:11]، (ولا تلمزوا أنفسكم) أي: ولا تلمزوا إخوانكم.
وقوله تعالى: {لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا} [النور:12] المقصود هنا: بإخوانهم خيراً، قال تعالى: ((ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا)) أي: بإخوانهم.
فقوله تعالى: ((وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ)) يعني: لا يقتل المسلم أخاه المسلم.