قوله تعالى: (وآتيتم إحداهن قنطاراً) فيها دليل على جواز الإصداق بالمال الجزيل.
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ينهى عن كثرته ثم رجع عن ذلك.
كما روى الإمام أحمد عن أبي العجفاء السلمي قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: (ألا لا تغلوا صداق النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله كان أولاكم بها النبي صلى الله عليه وسلم، ما أصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من نسائه، ولا أصدق امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية، وإن الرجل ليبتلى بصداق امرأته).
وقال: (إن الرجل ليغلي بصداق امرأته حتى تكون لها عداوة في نفسه)، قد يشق عليه الولي ويغالي في المهر حتى يذوق الويل من أجل جمع هذا المهر العسير، الذي كلف بأن يجمعه إلى أن يكون هذا المهر سبباً في وجود عداوة بينه وبين زوجته.
ثم ذكر القاسمي رحمه الله تعالى قصة المرأة التي راجعت عمر في ذلك إلى آخره، وهذه القصة لا تصح سنداً والله تعالى أعلم.
رغم إباحة الإكثار من المهر كما في هذه الآية {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا} يعني: مالاً وفيراً مهراً صداقاً، لكن ورد ما يفيد الندب إلى تخفيف المهر وكراهة المغالاة فيه، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (خير الصداق أيسره)، وذكر اليسير من المال هنا: (فلا تأخذوا منه شيئاً) تنبيه بالأعلى على الأدنى، خص تعالى ذكر من أتى القنطار من المال بالنهي، وذلك تنبيه بالأعلى على الأدنى؛ لأنه إذا كان هذا على كثرة ما بذل لامرأته من الأموال منهياً عن أخذ الشيء اليسير الحقير منها على هذا الوجه.
يعني: إذا كان الذي دفع قنطاراً منهياً عن أن يأخذ منه شيئاً يسيراً، فالذي دفع شيئاً حقيراً هو أولى أن لا يطلب منها شيئاً على الإطلاق.