قال تعالى: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلأَبْرَارِ} [آل عمران:198].
النزل: هو ما يهيأ للضيف من منزل وما يقدم له من إكرام.
((وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلأَبْرَارِ)) يعني: مما يتقلب به الفجار من المتاع القليل الزائل، فخيرٌ للأبرار أن يشعروا بأن أعمال البر هي التي جلبت لهم هذا الخير.
ورد في البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: (جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو في مشربة له -أي: مكان عال- متكئ على حصير، وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف، وعند رجليه قرظ، وعند رأسه أهب معلقة، فرأيت أثر الحصير في جنبه، فبكيت، فقال: ما يبكيك؟ قلت: يا رسول الله! إن كسرى وقيصر فيما هم فيه، وأنت رسول الله! فقال: أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة؟).
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (ما من نفس برة ولا فاجرة إلا الموت خير لها، لئن كان براً، لقد قال الله تعالى: ((وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلأَبْرَارِ)).
أي: إن كان من الأبرار وانتقل إلى الدار الآخرة، فما عند الله خير وأفضل للأبرار من الدنيا، ولكن إن كان كافراً أو فاجراً فكيف يكون الموت خيراً له؟! إنه إذا كان مصراً على كفره فكلما امتد أجله زادت جرائمه، وبالتالي زاد استحقاقه للعذاب؛ ولذلك قرأ ابن مسعود رضي الله عنه قوله تعالى: ({وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} [آل عمران:178]).
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: (ما من مؤمن إلا والموت خيرٌ له، وما من كافر إلا والموت خير له، ومن لم يصدقني فإن الله يقول: {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلأَبْرَارِ}، ويقول: {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} [آل عمران:178])