قوله تبارك وتعالى: {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} [آل عمران:143].
((تمنون)) فيه حذف إحدى التاءين، وأصلها (ولقد كنتم تتمنون).
(الموت) أي: الحرب ولقاء العدو؛ لأن الحرب من مبادئ الموت ومن أسبابه.
أو (تمنون الموت) أي: الشهادة في سبيل الله.
((مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ)) حيث قلتم: (ليت لنا يوماً كيوم بدر؛ فننال ما نال شهداء بدر من الأجر والثواب والشهادة).
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث المتفق عليه أنه قال: (لا تتمنوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف).
وعن علي رضي الله تعالى عنه قال: (كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حديثاً نفعني الله بما شاء منه، وإذا حدثني عنه غيري استحلفته، فإذا حلف لي صدقته، وإن أبا بكر رضي الله عنه حدثني وصدق أبو بكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما من رجل يذنب ذنباً فيتوضأ فيحسن الوضوء، ثم يصلي ركعتين فيستغفر الله عز وجل إلا غفر له)، وهذا حديث صحيح، وهذا الحديث هو المعروف بحديث صلاة التوبة.
صلاة التوبة هي أن الإنسان إذا أذنب ذنباً فإنه يتوضأ ويحسن الوضوء، ثم يصلي ركعتين فيستغفر الله سبحانه وتعالى، فإذا فعل ذلك غفر الله له.
قوله تعالى: ((فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ)) أي: رأيتم سبب هذا الموت، إما رأيتم سببه باستشهاد إخوانكم أو قتل إخوانكم وإما بالحرب نفسها.
((وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ))، أي: تبصرون الحال لما انهزمتم وقد كنتم تتمنون مثل هذا الموقف؛ لتنالوا مثل ما نال شهداء بدر؟!