تفسير قوله تعالى: (فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله)

يقول الله تبارك وتعالى: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران:52].

قوله تعالى: ((فَلَمَّا أَحَسَّ)) أي: علم وعرف عن طريق الحس والمعرفة والمعاينة.

((مِنْهُمُ الْكُفْرَ)) أي: من بني إسرائيل الذي ذكروا في الآيات السابقة في خطاب المسيح عليه السلام، وأرادوا أن يقتلوه عليه السلام.

((قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ)) أي: من أعواني ذاهباً ومتوجهاً وملتجئاً إلى الله؛ لأنصر دينه.

وقال بعض المفسرين: ((إِلَى اللَّهِ)) أي: من أنصاري مع الله، أو من ينصرني مع الله، أو: من أعواني ذاهباً ومتوجهاً إلى الله، لأنصر دينه، كما قال بعض الأنبياء عليهم السلام: {قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هود:80].

((قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ)) أي: نحن أعوان دينه.

هؤلاء الحواريون هم أصفياء عيسى عليه السلام، وهم أول من آمن به، وكانوا اثني عشر رجلاً.

قيل: الحواريون مأخوذة من الحور وهو البياض الخالص، قيل: كانوا قصارين يحورون الثياب، أي: يبيضونها.

فالحواريون هم طائفة من بني إسرائيل انتدبت للإيمان بالمسيح عليه السلام، فعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه.

والحواري هو الناصر الذي يبالغ في النصرة، وهو الوجيه والخليل والحميم، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم (ما من نبي بعثه الله إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يهتدون بهديه ويقتدون بسنته، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف) إلى آخر الحديث.

فدل على أن هؤلاء الأصفياء والخلص من الأصحاب ليست خاصة بالمسيح عليه السلام، وإن جاء إطلاق الحواريين على تلامذته الأقربين عليه السلام، وإنما كل نبي له حواريون وأصفياء وأنصار وأعوان من أصحابه.

((آمَنَّا بِاللَّهِ)) أي: صدقنا بالله.

((وَاشْهَدْ)) أي: يا عيسى.

((بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)) أي: منقادون لرسالتك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015