تفسير قوله تعالى: (الله الصمد)

قال تعالى: {اللَّهُ الصَّمَدُ} [الإخلاص:2].

قوله تعالى: اللَّهُ الصَّمَدُ يفسره قوله تعالى: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} [الإخلاص:3]، قال ابن كثير: وهذا معنىً حسن.

وقال بعض العلماء: الصمد هو المتناهي في السؤدَد، وفي الكمال من كل شيء.

وقيل: الصمد من يصمد الخلائق إليه في حاجاتهم، ولا يحتاج هو إلى أحد.

فكل الخلق محتاجون إليه، وهو سبحانه وتعالى لا يحتاج إلى أحد، ومن ذلك قوله تعالى: {وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ} [الأنعام:14]، وقوله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات:56 - 58].

ونبدأ في تفسير ما بعده الذي أشرنا إليه، فقد قلنا في قوله تعالى: اللَّهُ الصَّمَدُ: إنه يفسره ما بعده، وهو قوله: لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ.

وفي إمعان النظر في مبدأ: يفسره ما بعده، يتضح لنا أن السورة كلها هي تفسير لأول آية فيها.

فسورة الإخلاص هي أربع آيات، والثلاث الآيات الأخيرة منها تفسير للآية الأولى.

فقوله: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1] فسرها وشرحها قوله: {اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص:2 - 4]؛ لأن الأحدية هي تفرد الله سبحانه وتعالى بصفات الجلال والكمال كلها، ولأن المولود ليس بأحد؛ لأنه جزء من والده.

فلو وُلد لرجل مولود، فهذا المولود لا يقال له: أحد؛ لأنه ليس بأحد، وإنما هو جزء من والده الذي تناسل منه، وكذلك الوالد لا يقال له: أحد؛ لأن جزءاً منه في ولده.

وكذلك لو لم يكن له والد ولا ولد لكنه له كفؤ وله نظير وله شبيه ومثيل، فليس بأحد أيضاً، فكل من له كفؤ ونظير ومثيل لا يوصف بأنه أحد؛ لأنه غير منفرد فله نظير، فكيف يكون منفرداً، وكيف يكون واحداً أحداً؟! إذاً: فالسورة كلها تقرير لمعنى (أحد) في قوله: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015