قال تعالى: {سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ} [المسد:3] أي: ذات توقد واشتعال، وهي نار الآخرة، جزاء ما كان يأتيه من مقاومة الحق ومجاهدته.
وقوله: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} [المسد:4] يعني: وستصلاها معه امرأته أيضاً، فامرأته مرفوع عطفاً على الضمير في (سيصلى) أي: هو وامرأته، أو مرفوع على الابتداء، ويكون قوله: (في جيدها) هو الخبر.
وقرئ: (حمالةَ) بالنصب على الشتم والذم، وبالرفع نعتاً أو بدلاً أو عطف بيان، وإنما قيل لها ذلك-على قراءة النصب- لأنها كانت تمشي بالنميمة، قال الزمخشري: ويقال للمشاء بالنمائم المفسد بين الناس: يحمل الحطب بينهم- لأن نقل الكلام يؤدي إلى اشتعال الفتن بين الناس- أي: يوقد بينهم ويورث الشر، قال الشاعر: من البيض لم تصطد على ظهر لأمة ولم تمش بين الحي بالحطب الرطب يمدح الشاعر امرأة بأنها لم تمش بين الحي بالحطب الرطب، يعني أنها بريئة من المشي بالنميمة بين الناس.
وقال القاسمي: أي في عنقها حبل من المسد، أي: أنها في تكليف نفسها المشقة الفادحة للإفساد بين الناس، وتأجيج نيران العداوة بينهم في منزلة حامل الحطب، الذي في عنقه حبلٌ ثفن، يشد به ما حمله إلى عنقه، حتى يستقل به، وهذه أشنع صورة تظهر بها امرأة تحمل الحطب، ففي عنقها حبل من المسد تشد به الحطب إلى كاهلها حتى تكاد تختنق به.
وقد أنزل الله في أبي لهب وفي زوجته هذه السورة ليكونا مثلاً يعتبر به من يعادي ما أنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم مطاوعة لهواه، وإيثاراً لما ألفه من العقائد والعوائد والأعمال، واغتراراً بما عنده من الأموال، وبما له من الصولة أو المنزلة في قلوب الرجال، وأنه لا تغني عنه أمواله ولا أعماله شيئاً، وسيصلى ما يصلى، نسأل الله سبحانه وتعالى العافية.