سورة القارعة هي السورة الواحدة بعد المائة، وهي سورة مكية، وآيها إحدى عشرة آية.
بسم الله الرحمن الرحيم.
قال الله تعالى: {الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ} [القارعة:1 - 3].
القرع هو: الضرب بشدة واعتماد بحيث يحصل منه خوف شديد، والقارعة هي القيامة، وهذا الاسم من أسماء القيامة التي سُميت بها؛ لأنها تفزع القلوب والأسماع بهموم الأفزاع والأهوال، وتخرج جميع الأجرام العلوية والسفلية من حال إلى حال: السماء بالانشقاق والانفطار، والشمس والنجوم بالتكوير والانكدار والانكسار، والأرض بالزلزال والتبديل، والجبال بالدّك والنسف.
قوله تعالى: {مَا الْقَارِعَةُ} [القارعة:2] (ما) مبتدأ خبره قوله تعالى: {مَا الْقَارِعَةُ}، أيْ: أيّ شيء عجيب في الفخامة والفضاعة؟! قوله: (القارعة) لم يقل: ما هي؟ وإنما قال: (ما القارعة) حيث وضع الظاهر موضع الضمير تأكيداً للتهويل.
قوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ}، تأكيد لهولها وفضاعتها ببيان خروجها عن دائرة علوم الخلق، على معنى: أن عِظَم شأنها ومدى شدتها بحيث لا تحيط به دراية أحد حتى يدرك حقيقتها، فقوله: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ} [القارعة:3]، أي: وأيّ شيء أعلمك بشأن القارعة؟! ولما كان هذا ينبئ عن الوعد الكريم بإعلامها أنجز ذلك بقوله تعالى: {يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ} [القارعة:4]، أي: هي يومٌ يكون الناس فيه كالفراش المبثوث، أي: في الكثرة والانتشار والضعف والذلة والاضطراب والتطاير إلى الداعي كتطاير الفراش إلى النار.
وكلمة (يوم) إما أن تكون منصوبة بإضمار كلمة: اذكر، وكأنه قيل بعد تفخيم أمر القارعة، وتشويقه عليه الصلاة والسلام في معرفتها، فيكون تقدير الكلام: اذكر (يوم يكون الناس كالفراش المبثوث).
قوله: {وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ} [القارعة:5]، أي: كالصوف المندوش في تفرق أجزائها وتطايرها في الجو، ولما كان من المعلوم أن ذلك اليوم هو اليوم الذي تبدأ فيه الحياة الآخرة، وفيها تعرف مقادير الأعمال، وما تستحقه من الجزاء رتّب عليه ما يأتي من الآيات.