قال ابن كثير: وقال بعض الأئمة: هذه محالّ ثلاثة -أي: أماكن ثلاثة- بعث الله من كل واحد منها نبياً مرسلاً من أولي العزم أصحاب الشرائع الكبار.
فالأول: محلة التين والزيتون، وهو بيت المقدس الذي بعث الله فيه عيسى بن مريم عليهما السلام.
والثاني: طور سينين، وهو طور سيناء، وسيناء: الجبل الذي كلّم الله عليه موسى بن عمران.
والثالث: مكة، وهو البلد الأمين الذي من دخله كان آمناً، وهو الذي أرسل فيه محمد صلى الله عليه وسلم.
وفي آخر التوراة ذكر هذه الأماكن الثلاثة وفيها: (جاء الله من طور سيناء، وأشرق من ساعير، واستعلن من جبال فاران).
وهذا اللفظ موجود في التوراة إلى اليوم، وهو بشارة ببعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يستطيع أن ينكره إلا مكابر.
قوله: (جاء الله من طور سيناء)، أي: الذي كلم الله عليه موسى، (وأشرق من ساعير)، أي: جبل بيت المقدس، الذي بعث الله عنده عيسى، (واستعلن من جبال فاران)، فاران: مكة في لغة ما يسمى بـ (العهد القديم)، وجبال فاران: أي: جبال مكة.
ويوجد أيضاً في التوراة لفظ: (إن إسماعيل نشأ في جبال فاران) أو (بين جبال فاران).
قال ابن كثير: أي: جبال مكة التي أرسل الله منها محمداً صلى الله عليه وسلم، فذكرهم مخبراً عنهم على الترتيب المدني بحسب ترتيبهم في الزمان، ولهذا أقسم بالأشرف، ثم الأشرف منه، ثم بالأشرف منهما.
انتهى كلام ابن كثير.