قال تعالى: {فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} [البلد:11] يعني: ألم يشكر الإنسان تلك النعم الجليلة باقتحام العقبة؟! فحق هذا الإنسان الذي آتاه الله هذه النعم أن يقتحم العقبة، لكنه لم يقتحم العقبة! والاقتحام: هو الدخول والمجاوزة بشدة ومشقة، والعقبة هي: الطريق الوعرة في الجبل التي يصعب سلوكها، والتعبير بهذا اللفظ هنا لما فيه من معاناة المشقة ومجاهدة النفس.
والمراد بالعقبة هنا بينه الله سبحانه وتعالى بقوله: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ * ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ} [البلد:12 - 17]، فهذا كله هو معنى اقتحام العقبة، فاقتحام العقبة يكون بالإتيان بهذه الأمور التي فيها مشقة ومجاهدة نفس.
(وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ) أي: أي شيء أعلمك ما اقتحام العقبة؟! والاستفهام هنا فيه زيادة تشويق لها، وأن لها عند الله تعالى مكانة.
وقوله: (فَكُّ رَقَبَةٍ) أي: عتق رقبة أو المعاونة على عتقها وتخليصها من الرق وأسر العبودية، رجوعاً بها إلى ما فطرت عليه من الحرية.