يقول الله تبارك وتعالى: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر:5].
أي: اتركه، والرجز بضم الراء، وتأتي بكسر الراء كالرجس، والسين والزاي يتناوبان لأنهما من حروف الصفير.
والرجس: اسم للقبيح المستقذر كنى به عن عبادة الأوثان خاصة كما في قوله تعالى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ} [الحج:30].
أو عن كل ما يستكره من الأفعال والأخلاق، والجملة من جوامع الكلم في مكارم الأخلاق، كأنه قيل: اهجر الجفا والسفه وكل قبيح، ولا تتخلق بأخلاق هؤلاء المشركين المستعملين للرجز.
وقيل: المراد بالرِجز أو الرُجز العذاب، وهجره كناية عن هجر ما يؤدي إليه من الشرك والمعاصي، فأقيم الرجز مقام سببه الذي هو الشرك والمعاصي؛ أو هو بتقدير مضاف، أي: وأسباب الرجز فاهجر.
وكما قلنا: الرِجز والرُجز تقرأ بالضم وتقرأ بالكسر، فيقول: قرئ بضم الراء وهي لغة وهما بمعنى العذاب.
وعن مجاهد أنه بالضم بمعنى الصنم، وبالكسر بمعنى العذاب.
وأمره صلى الله عليه وآله وسلم بذلك -وهو بريء منه- أمر لغيره، وهذا تعريض، أو المراد الدوام على هجره، يعني: أن النبي عليه الصلاة والسلام ما عبد الأصنام، بل هو بريء من ذلك وحاشاه صلى الله عليه وآله وسلم، ومع ذلك أمره الله بهجرها، {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ}، فهذا الأمر هو أمر لغيره تعريضاً، أو أن المراد الدوام على هجره.