قال تبارك وتعالى: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ} [الحاقة:41] يعني: كما تزعمون، فإن بين أسلوبه وحقائقه، وبين وزن الشعر وخيالاته بعد المشرقين.
قوله: {قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ} [الحاقة:41] يعني: قليلاً ما تصدقون بما ظهر من صدقه وبرهانه عناداً وعتواً، والقلة كناية عن عدم الإيمان.
ونصب ((قليلاً)) على أنه نعت لمصدر، يعني: تؤمنون إيماناً قليلاً، والناصب تؤمنون أو تذكرون، و (ما) زائدة.
وقال ابن عطية: يحتمل أن تكون نافية ومصدرية.
إذاً: قوله: ((قليلاً ما تؤمنون)) على اعتبار (ما) نافية يكون المعنى: لا تؤمنون، وعلى أنها مصدرية يكون المعنى: قليلاً إيمانكم، فيكون المقصود بالتعبير عن القلة التعبير عن العدم، يعني: أنتم لا تؤمنون، كذلك أيضاً في قوله تعالى: {وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [الحاقة:42] أي: كما تدعون بأنه من سجع الكهان.
قوله: ((قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ)) أي: تتعظون وتعتبرون، قيل: نفى الإيمان في الأول، ونفي الذكرى في الثاني؛ لأن عدم مشابهة القرآن بالشعر أمر بين لا ينكره إلا معاند؛ لذلك قال: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ}، فالفرق بين القرآن وبين الشعر أمر في غاية الوضوح لا ينكره إلا معاند، فلا عذر لقائله في ترك الإيمان، وهو أضل من حمار أهله، وأما مباينته للكهانة فيتوقف على التذكر والتفكر؛ لأن الكاهن يأخذ جعلاً على كهانته، ويجيب عما سئل عنه، ويتكلف السجع، ويكذب كثيراً، وإن التبس على الحمقى بإخباره ببعض المغيبات بكلام منثور.