تفسير قوله تعالى: (أم عندهم الغيب فهم يكتبون)

قال تعالى: {أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ} [القلم:47].

((أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ)) أي: علم ما غاب عنهم ((فَهُمْ يَكْتُبُونَ)) أي: يحكمون لأنفسهم بما يريدون.

يقول القاسمي رحمه الله تعالى: {أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ} أي: هل اطلعوا على الغيب أو على اللوح المحفوظ ونقلوا منه وكتبوا منه ما يحكمون به من أنهم سوف يهلكون المسلمين، أو أنهم كذا وكذا من أمانيهم الفارغة، فهم يكتبون من الغيب ما يحكمون به فيجادلونك بما فيه، ويزعمون أنهم على كفرهم بربهم أفضل منزلة عند الله من أهل الإيمان به، وأنهم مستغنون عن وحيه وتنزيله؟! يقول الله تبارك وتعالى: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ} وهو إمهالهم وتأخير ظهورك عليهم، قضى الله أنه لا يعجل لك الظهور في الحال لكن في أجل يعلمه وحده، ولذلك يقول الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ} أي: لقضاء ربك.

وقيل: اصبر على ما حكم به عليك ربك من تبليغ الرسالة.

وقيل: فاصبر لنصر ربك، أي: لا تعجل ولا تغاضب فلا بد من نصرك، فاصبر لحكم ربك، وهو إمهالهم وتأخير ظهورك عليهم، أي: لا يثنك عن تبليغ ما أمرت به أذاهم وتكذيبهم، بل امض صابراً عليه {وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ} وهو يونس عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، أي: لا تكن مثله في الغضب والضجر والعجلة، وهذه تعزية للنبي صلى الله عليه وآله وسلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015