قال تعالى: {فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ * بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ * إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [القلم:5 - 7].
(فستبصر ويبصرون) أي: أولئك الجاحدون المتفوهون بتلك العظيمة، وهي زعمهم أو رميهم النبي صلى الله عليه وسلم.
بالجنون.
يعني: ستعلم ويعلمون يوم القيامة حين يتبين الحق والباطل.
(بأيكم المفتون)، يعني: أيكم الذي فتن بالجنون، فهو كقوله تعالى: {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ) [المؤمنون:20] يعني: تنبت الدهن، وقوله {يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} [الإنسان:6] أي: أن الباء زائدة.
وقيل: الباء ليست بزائدة، والمعنى: بأيكم الفتنة، وهو مصدر على وزن المفعول، ويكون معناه (الفتون)، أي: فستبصر ويبصرون بأي الفريقين الجنون، أفي الفرقة التي أنت فيها من المؤمنين أم بالفرقة الأخرى؟ وهل الفتنة فيمن كوشف بأسرار العلوم وأوتي جوامع الكلم، أم فيمن حجب نفسه عن آيات الله والعبر، وقتل بعبادة الصنم؟ والمفتون: المجنون الذي فتنه الشيطان.
وقيل: المفتون المعذب.
من قول العرب: فتنت الذهب بالنار إذا حميته، ومنه قوله تعالى: في الوليد بن المغيرة وأبي جهل: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ} [الذاريات:13] أي: يعذبون.
قوله: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ} أي: إن الله هو العالم بمن حاد عن دينه {وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} الذين هم على الهدى، وسيجازي كلاً غداً بعمله، فهو أعلم بمن حاد عن طريق الحق الذي أمر به، (وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)، أي: بمن اتبع الحق وسلك سبيله.