قال تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الملك:28].
قوله: ((قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ)) أي: بعذابه.
قوله: ((وَمَنْ مَعِيَ)) يعني: من المؤمنين.
قوله: ((أَوْ رَحِمَنَا)) أي: فلم يعذبنا.
قوله: ((فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ)) أي: من يمنعهم ويؤمنهم من عذاب أليم.
أي: أننا مع إيماننا بين الخوف والرجاء، ومع أننا مؤمنون، لكننا لا نأمن مكر الله سبحانه وتعالى ونخشى عذابه.
فكيف يكون حالكم أنتم أيها الكفار، وقد جمعتم بين الكفر والتكذيب واستحققتم العذاب؟! فمن يمنعكم من العذاب مع كفركم؟! لا رجاء لكم كرجاء المؤمنين.
المؤمنون يرجون الله سبحانه وتعالى، ولهم حق في هذا الرجاء، أما الكافرون فمن أين يأتيهم الرجاء وهم قد كذبوا وكفروا؟! كان كفار مكة يتربصون بالنبي صلى الله عليه وسلم ريب المنون، يتمنون له الموت تخلصاً من دعوته وانتشارها، فأُمر أن يقول لهم ذلك، أي: أخبروني إن أماتني الله ومن معي من المؤمنين، أو رحمنا بتأجيل آجالنا، فمن يجيركم من عذاب أليم أراد الله وقوعه بكم بسبب كفركم؟! وقال ابن كثير: أي: خلصوا أنفسكم فإنه لا منقذ لكم من الله إلا بالتوبة والإنابة والرجوع إلى دينه، ولا ينفعكم وقوع ما تتمنون لنا من العذاب والنكال، فسواء عذبنا الله أو رحمنا فلا مناص لكم من عذابه ونكاله الواقع بكم، سواء كان ذلك العذاب في الدنيا أو الآخرة.