بين يدي سورة الملك

سورة الملك هي السورة السابعة والستون في ترتيب المصحف الشريف، وسميت بالملك لاشتمالها على كثير من آثار المُلك، من كثرة الخيرات وعموم القدرة والإحياء والإماتة، واختبار أعمال الناس، والغلبة، والغفران، وعدم التفاوت في رعاياه، وتزيين بلاده، والقهر على الأعداء، والترحم على الأولياء، والأمن ورخص الأسعار، وألا يقدر أحد على نصر من عاداه، فهذه كلها من آثار الملك، وهذه المعاني في عامتها مما تناولته هذه السورة الكريمة؛ فمن ثم سميت سورة الملك، وتسمى أيضاً سورة تبارك.

وهي سورة مكية، وآيها ثلاثون آية.

وقد صح في فضلها على الخصوص أحاديث، ولا توجد سورة في القرآن ليس لها فضل، فكل السور لها فضل، ويدل على هذا العمومات الواردة في ثواب وفضيلة من قرأ حرفاً من كتاب الله أو من قرأ القرآن كله، لكن قد ثبتت بعض الأحاديث في فضيلة بعض السور بخصوصها، وهذا تماماً كما في شأن الصحابة رضي الله تعالى عنهم: فهل الصحابي الذي لم يثبت بخصوصه حديث ليس له فضائل؟ معاذ الله! وإنما له فضل، وهو يدخل في عموم الآيات والأحاديث التي تثني على الصحابة رضي الله تعالى عنهم، فهذه فضائلهم أجمعين، لكن يأتي في شأن بعض الصحابة فضائل خاصة، وكذلك هذه السورة ثبت في فضلها بخصوصها بعض الأحاديث، منها: قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إن سورة من القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له، وهي (تبارك الذي بيده الملك)).

وفي حديث آخر قال صلى الله عليه وسلم: (سورة في القرآن خاصمت عن صاحبها حتى أدخلته الجنة، (تبارك الذي بيده الملك)).

وروى الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (ضرب بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خباءه على قبر، وهو لا يحسب أنه قبر، فإذا قبر إنسان يقرأ سورة الملك حتى ختمها، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! ضربت خبائي على قبر وأنا لا أحسب أنه قبر، فإذا إنسان يقرأ سورة الملك حتى ختمها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي المانعة، هي المنجية تنجيه من عذاب القبر) قال الترمذي: حديث غريب من هذا الوجه.

وقوله: (خباءه) يعني: خيمته.

قوله: (على قبر) يعني: على موضع قبر.

قوله: (وهو لا يحسب أنه قبر) يعني: لا يظن أنه قبر.

قوله: (فإذا قبر إنسان) فإذا هذه للمفاجأة يعني: إذا مكان قبر لإنسان.

قوله: (يقرأ سورة الملك حتى ختمها) يعني: أن هذا الصحابي سمع صوت الميت المدفون في هذا القبر يقرأ سورة الملك حتى ختمها، وهذا قد يقع، أن يُكشف شيء من هذه الغيبيات أحياناً لبعض الناس بإذن الله تبارك وتعالى.

قوله: (فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! ضربت خبائي على قبر وأنا لا أحسب أنه قبر، فإذا قبر إنسان يقرأ سورة الملك حتى ختمها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي المانعة، هي المنجية تنجيه من عذاب القبر)، ولذلك سميت هذه السورة بالمانعة يعني: أنها تمنع من يحفظها من عذاب القبر، وسميت المنجية؛ لأنها تنجيه من عذاب القبر، وهذا أمر معروف ومشهور، فمن الأسباب التي تقي الإنسان عذاب القبر أن يكون قارئاً وحافظاً لسورة الملك.

وورد في بعض الأحاديث الضعيفة قوله عليه الصلاة والسلام: (وددت أنها في قلب كل مؤمن).

فعلى أي الأحوال هذه السورة لها هذا الفضل العظيم، فنوصي كل من يسمع هذا الكلام ألا يقصر أبداً في حفظ سورة (تبارك الذي بيده الملك)، خاصة الذي تقدم سنه أو مرض أو نحو ذلك، فللسورة فضائل عظيمة جداً، ومن أكثر قراءتها فيرجى أنها تنفعه في قبره وفي الآخرة، وقد ثبت: (أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان لا ينام حتى يقرأ {الم * تَنزِيلُ} [السجدة:1 - 2]-يعني: سورة السجدة- و {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} [الملك:1]) فمن وظيفة هذه السورة أنها تتلى عند النوم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا ينام حتى يقرأ هاتين السورتين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015