يقول الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم:6].
(قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا) أي: أسباب دخول النار، وذلك بترك المعاصي وفعل الطاعات، والقيام على تأديب الأهل وأخذهم بما تأخذون به أنفسكم.
(وقودها الناس والحجارة) أي: تتقد بهما اتقاد غيرها بالحطب.
(عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ) أي: تلي أمرها وتعذيب أهلها، وهم الزبانية.
(غِلاظٌ شِدَادٌ) أي: جفاة قساة.
{لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} يقول الزمخشري: أليست الجملتان في معنى واحد؟ قلت: لا؛ فإن معنى الأولى: أنهم يتقبلون أوامره ويلتزمونها ولا يأبونها ولا ينكرونها، ومعنى الثانية: أنهم يؤدون ما يؤمرون به لا يتثاقلون عنه ولا يتوانون فيه.
وقيل: الجملة الأولى لبيان استمرار إتيانهم بأوامره، والثانية: لأنهم لا يفعلون شيئاً ما لم يؤمروا به، كقوله تعالى: {وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ} [الأنبياء:27].