قال تعالى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة:229].
قوله تعالى: (إِلَّا أَنْ يَخَافَا) يعني: إلا أن يخاف الزوجان.
(أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ) يعني: ألا يأتيا بما حده لهما من الحقوق.
وفي قراءة (إلا أن يُخافا) بالبناء للمفعول، أي: يخافا من قبل ولاة الأمور.
فـ (أن لا يقيما) بدل الاشتمال من الضمير فيه، وقرئ شذوذاً بالفوقانية في الفعلين، أي: (إلا أن تخافا أن لا تقيما) وهذه قراءة شاذة.
قوله تعالى: ((فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ)) هذه الآية دليل على جواز الخلع، والخلع هو: أن تختلع المرأة من زوجها، وهذا جائز إذا كان بعذر وبسبب، أما المرأة التي تطلب من زوجها الخلع من غير ما سبب فقد ورد فيها وعيد شديد، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (المختلعات أو المنتزعات هن المنافقات)، فلا يجوز للمرأة أن تطلب من زوجها الطلاق بين الحين والآخر لأتفه الأسباب أو بدون سبب أو بسبب اختلاف، لكن إن كان هناك سبب وجيه وبأس وعذر فلها أن تطلب الطلاق ولا حرج عليها، أما أن تطلبه لغير ذلك فقد ثبت في ذلك هذا الوعيد الشديد.
يقول تعالى: ((فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ)) لا جناح على الرجل ولا على المرأة فيما افتدت به نفسها من المال ليطلقها، فلا حرج على الزوج في أخذه، فهذا معنى (فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا) أي: ليس على الزوج حرج في أن يأخذ هذا المال الذي تفتدي نفسها به، وليس هناك حرج -أيضاً- على الزوجة أن تبذل هذا المال لتفتدي نفسها به.
(تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ) أي: تلك الأحكام المذكورة حدود الله: (فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ).