قال الله تعالى: {آلم} [البقرة:1]، فسرها الإمام السيوطي رحمه الله تعالى بأصح تفسير وأوجز تفسير، فقال: [الله أعلم بمراده بذلك].
ويقول القاضي كنعان: [ليس لهذه الأحرف المنزلة في أوائل بعض السور معنىً مستقل بالفهم بالنسبة إلينا، بل إنها نزلت متقطعة وتقرأ كذلك، فهي سر الله تعالى في القرآن كما قال أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه: (نؤمن بها ونقرؤها كما نزلت)، ولكن ذلك لا يمنع منا التماس الحكمة من نزولها هكذا، فهي تشير إلى الحروف الهجائية العربية التي بها نزلت آيات القرآن تعجيزاً للعرب؛ لأنهم زعموا أن محمداً صلى الله عليه وسلم يأتي بالقرآن من عنده، وهم يعلمون أنه أمي لم يتعلم القراءة ولا الكتابة، فلو كان زعمهم هذا صحيحاً لكانوا هم أقدر على الإتيان بمثله، بل بأحسن منه؛ لأنهم أهل اللغة، لكنهم عجزوا وبهتوا مع قيام التحدي إلى الآن، ولو استطاعوا لفعلوا: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء:88]]، فهذا خلاصة الكلام.
وبعض العلماء جمع جميع الحروف المقطعة في أوائل السور، وحذف المكرر منها، يعني: جمع (الم) مع (حم) مع (عسق) مع (طه)، ثم حذف المكرر ثم كون منها جملة، وهذه الجملة التي ذكرها هي: (نص حكيم قاطع له سر)، ولكن هذا في مجال الحجاج العلمي لا يعتبر دليلاً علمياً.
وبعض العلماء يقول: هذه أسماء للسور، وبعضهم يقول: هي من أسماء الله تبارك وتعالى، لكن اختيار الإمام السيوطي رحمه الله تعالى هنا هو أفضل ما يقال: (الله أعلم بمراده بذلك)، لكن كما ذكرنا بعض العلماء أشار إلى أن هذه إشارة إلى إعجاز القرآن، واستدلوا بأن أغلب سور القرآن التي تبدأ بالحروف المقطعة يليها مباشرة ذكر القرآن الكريم، مثل: {الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة:1 - 2]، وهكذا.