أما كلام المفسرين في المقصود بالمعروف في هذه الآية: ففي صحيح مسلم عن أم عطية رضي الله تعالى عنها قالت: (كان منه النياحة، فكان يأمرنا ألا ننوح)، وجاء في بعض الروايات في كلام ولا ينحن النياحة، ومنها: لا يدعين ويلاً، ولا يخدشن وجهاً، ولا ينشرن شعراً، ولا يسرقن ثوباً.
فهذه من أفعال الجاهلية، فلا يجوز لامرأة مسلمة أن تأتي بشيء من هذه الأفعال.
(لا يدعين ويلاً) أي: لا يصرخن، وهذا غالباً مما يحصل من المرأة، لأنها عبارة عن كتلة من العاطفة، فإذا لم تحجزها التقوى ورزانة الإيمان الصادق فإنها تخرج عن طورها وتجزع، خاصة عند المصيبة الكبرى التي هي مصيبة الموت، فنجد بعض النساء قد يتلفظن بألفاظ شنيعة ويأتين بأفعال تتنافى مع الإيمان، فكان مما بايعهن عليه الرسول عليه الصلاة والسلام أيضاً أن لا يدعين ويلاً، أي: لا تقل يا ويلتاه! (ولا يخدشن وجهاً ولا ينشرن شعراً) نشر الشعر أن تفرق شعرها كأمارة على الجزع من قضاء الله سبحانه وتعالى، وفي معنى نقض الشعر ما يفعل بعض الرجال من إطلاق وإعفاء اللحية عند المصيبة، فترى الرجل يحلق لحيته دائماً، فإذا حصل مصاب عنده من موت قريب له أو حبيب فإنه يعبر عن جزعه بأن يعفي لحيته ولكن لفترة مؤقتة، فنقول: هذا حرام؛ لأنه في معنى النهي عن نشر الشعر، وإن كان يجب عليه أن يعفي لحيته في كل أحواله، لكن الأمر هنا فيه موافقة لهذا الفعل الجاهلي، وهو نشر الشعر عند المصيبة، فالمرأة تنشر شعرها تعبيراً عن الجزع، وهذا يترك لحيته تعبيراً عن الجزع، لذلك فهو في معناه.
قوله: (ولا يشققن ثوباً): هذه أيضاً من أفعال الجاهلية.
وقيل: ((لا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ)) يعني: كل ما يأمر به النبي عليه الصلاة والسلام من شرائع الإسلام وآدابه.
فالمعروف اسم جامع لكل ما عُرف من طاعة الله، والإحسان إلى الناس، وكل ما أمر به الشرع ونهى عنه.
وقوله: ((إِذَا جَاءَكَ)): جملة شرطية، و (إذا) أداة شرط غير عاملة مثل: لو، ولولا، و (جاء) فعل الشرط.