بمناسبة الكلام على هذا الأمر يحصل أحياناً نوع من الترخص أو التجافي من الإخوة في مخالفة بعض الآداب الشرعية في عامة المناسبات الاجتماعية، وخاصة في حفلات الزواج وما شابهها، نجد الإخوة يسنون سنة سيئة جداً وسنة قبيحة، وهي سنة المجازفة في المدح؛ لأننا بهذا المدح نعود إخواننا على هذه الأساليب التي لا تليق بالمسلمين، وإنما هي نفخ في الأشخاص ومجازفة، فلماذا نكذب؟ والرسول عليه الصلاة والسلام نهى عن مثل هذا المدح حيث قال: (إياكم والتمادح فإنه الذبح)، وقال النبي عليه الصلاة السلام: (إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب)، فهذا هو اللائق مع من يجادلون في المدح، ولو أن الناس الذين يجادلون في المدح التفتوا لهذا الحديث لكان خيراً لهم.
ولو أن أحد المادحين حثي بالتراب لكانت موعظة عملية تجعلهم يكفون عن هذا الأمر، وأحياناً الواحد كلما حضر مناسبة لبعض الإخوة يجدهم يتكلمون مع بعض الشيوخ بكلام غريب جداً، هل كل من يتكلم يبدأ بالمديح في كل مناسبة، ينبغي أن نتنزه عن مثل هذا السلوك، وليس هذا من سلوك السلف، وعلينا أن نتذكر قول الله تبارك وتعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ} [النساء:49].
فمن كان من عباد الله باراً وتقياً وصالحاً لم ينقصه الله حقه، بل يضمن من عمل أعمالاً صالحة أنها عند الله سبحانه وتعالى، فعلينا أن نعد السيئات ولا ننشغل بالمجازفة في المديح حتى يشيع الدجل والنفاق كما يشيع في الأوساط السياسية، فعلينا أن ننزجر وأن نكف عن المجازفة في المديح؛ لأن ذلك يكون فتنة، فنرجو من الإخوة أن يلتفتوا لهذا الأمر.
فمن لقي عالماً أو رجلاً صالحاً أو شيخاً مسناً فقبل رأسه أو يده خاصة الوالدين، فلا بأس، لكن لا تستبدل هذه التحية بتحية وأدب الإسلام في المصافحة وإلقاء السلام؛ نعم هي رخصة لكننا نبالغ في الرخص ونضاعفها؛ فهذا أيضاً مما يخالف هدي السلف الصالح رحمهم الله تعالى.