بالنسبة لاسم الله عز وجل الأول فمعناه اللغوي: الأول نقيض الآخر، والأول والآخر من الأسماء التي تأتي مقترنة بعضها ببعض، مثل المقدم والمؤخر المعز والمذل الظاهر والباطن.
فالأول يأتي مع الآخر، وبعض الناس أحياناً يخطئون في قراءة اسم الله عز وجل (الآخر)، فيقول: عبد الآخَر، فهل هناك إله مع الله؟! فننتبه لهذا، فإن الصواب: عبد الآخِر، إن جاز إطلاق هذا الاسم بهذه الصورة.
فالأول نقيض الآخر، وأصله (أوأل) على وزن (أفعل) قلبت الهمزة واواً ثم أدغم الواو في الواو، يدل على ذلك قولهم: هذا أول منك، والجمع الأوائل والأوالي أيضاً على القلب.
قال ذو الرمة: وما فخر من ليست له أولية تعد إذا عد القديم ولا ذكر يعني: مفاخر آبائه.
وقال الراغب: الأول: هو الذي يترتب عليه غيره، ويستعمل على أوجه: أحدها: المتقدم بالزمان، كقولك: عبد الملك أولاً ثم منصور، يعني: هذا جاء قبل ذاك.
الثاني: المتقدم بالرياسة في الشيء وكون غيره محتذياً به، نحو الأمير أولاً ثم الوزير.
الثالث: المتقدم بالوضع والنسبة، كقولك للخارج من العراق: القادسية أولاً ثم فيد، وتقول للخارج من مكة: فيد أولاً ثم القادسية.
الرابع: المتقدم بالنظام الصناعي، نحو أن يقال: الأساس أولاً، ثم البناء، فيصنع الأساس أولاً ثم بعد ذلك يكون البناء.
وورد هذا الاسم الشريف في القرآن الكريم مرة واحدة في هذه الآية: {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد:3].
ومعنى هذا الاسم في حق الله تبارك وتعالى يقول الفراء: قوله عز وجل: ((هُوَ الأَوَّلُ))، يريد قبل كل شيء، والآخر بعد كل شيء، يعني: الباقي بعد فناء كل شيء.
وقال ابن جرير: هو الأول قبل كل شيء بغير حد، فالله سبحانه وتعالى أوليته أزلية، يعني: لا بداية لها، فالأول هو قبل كل شيء بغير حد، فليس هناك زمن لبدايته عز وجل، والآخر بعد كل شيء بغير نهاية، وإنما قيل ذلك لأنه كان ولا شيء موجود سواه، وهو كائن بعد فناء الأشياء كلها، كما قال جل ثناؤه: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص:88].
وقال الزجاج: الأول هو موضوع التقدم والسبق، ومعنى وصفنا الله تعالى بأنه أول: هو متقدم للحوادث بأوقات لا نهاية لها، فالأشياء كلها وجدت بعده وقد سبقها كلها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه: (أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء).
وقال الخطابي: الأول هو السابق للأشياء كلها، الكائن الذي لم يزل قبل وجود الخلق، فاستحق الأولية إذ كان موجوداً ولا شيء قبله ولا بعده.
وقال الحليمي: الأول هو الذي لا قبل له، والآخر هو الذي لا بعد له، وهذا لأن قبل وبعد نهايتان، فقبل نهاية الموجود من قبل ابتدائه، وبعد غايته من قبل انتهائه، فإذا لم يكن له ابتداء ولا انتهاء لم يكن للموجود قبل ولا بعد، فكان هو الأول والآخر.
وقال البيهقي: الأول هو الذي لا ابتداء لوجوده.
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى: هو أول هو آخر هو ظاهر هو باطن هي أربع بوزان ما قبله شيء كذا ما بعده شيء تعالى الله ذو السلطان ما فوقه شيء كذا ما دونه شيء وذا تفسير ذي البرهان فانظر إلى تفسيره بتدبر وتبصر وتعقل لمعان وانظر إلى ما فيه من أنواع معـ رفة لخالقنا العظيم الشان