{فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن:70 - 71].
قوله: ((خيرات)) جمع خَيَّرة بالتشديد ثم خففت.
قوله: ((فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ)) يعني: فاضلات في الأخلاق، وإيثار ضمير المؤنث على التثنية مراعاة للفظ المسند إليه بعده؛ لأن المسند إليه بعده فيه الجهة, ((فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ)).
((حسان)) يعني: حسان الوجوه.
إذاً: قوله: ((خيرات)): إشارة إلى أنهن فاضلات في أخلاقهن، وأما ((حسان)) ففيه وصف الخَلْقِ.
يقول ابن كثير في تفسير قوله تعالى: ((فيهن خيرات حسان)): قيل: المراد ((خيرات)) كثيرة حسنة في الجنة قاله قتادة.
وقيل: ((خيرات)) جمع خيرة أو خيِّرة وهي المرأة الصالحة الحسنة الخلق الحسنة الوجه, قاله الجمهور.
وفي بعض الأحاديث: أن الحور العين يغنين لأزواجهن: (نحن الخيرات الحسان.
خلقنا لأزواج كرام) ولهذا قرأ بعضهم: (فِيهِنَّ خَيَّرَاتٌ حِسَانٌ) بالتشديد, ((فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ)).
لقد ناقش المفسرون: أيهما أكثر حسناً الحور العين أو الآدميات؟ فبعض العلماء قال: الحور أفضل من الآدميات لما ذكر من وصفهن في القرآن والسنة بصفات الجمال في الخَلق والخُلق, وفي دعاء النبي صلى الله عليه وسلم للميت: (وأبدله زوجاً خيراً من زوجه) فهذا يدل على أن التي يتزوجها المؤمن من الحور العين أفضل من زوجه الآدمية.
وإن كان يمكن الجواب عن هذا بأنه إذا مات الرجل وبقيت زوجته بعده فالدعاء له الآن بعد انتقاله إلى الدار الآخرة أو إلى مقدمات الآخرة وهي البرزخ.
القول الثاني: الآدميات أفضل من الحور العين؛ لأن الآدميات مكلفات وقد عملن أعمالاً صالحة في الدنيا وأطعن الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
أيضاً: مما ينبغي أن نعلمه أن الحور لسن من نساء الدنيا, بل هن مخلوقات في الجنة, لقول الله عز وجل: ((لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ))، وأكثر نساء الدنيا مطموثات, وحديث النبي عليه الصلاة والسلام: (إن أقل ساكني الجنة النساء)؛ فإذا كان أقل ساكني الجنة النساء، فالمعنى: أن أهل الجنة من الرجال لا يصيب كل واحد منهم امرأة من المؤمنين في الجنة، مع أن الله سبحانه وتعالى وعد جميع المؤمنين بأنهم سوف يتزوجون الحور العين، فثبت أن الحور العين لسن من نساء الدنيا وإنما هن مخلوقات يخلقهن الله سبحانه وتعالى في الجنة.
فجاء في الحديث أنهن ينشدن: (نحن الخيرات الحسان.
خلقنا لأزواج كرام).