أهمية تلقي القرآن الكريم بالمشافهة

فالأمة تلقت القرآن بهذه الأسانيد المتواترة طوال هذه القرون التي مرت بطريق التلقي الشفاهي، والقرآن نفسه اسمه: القرآن، ومعناه: القراءة، أي: أنه يُقرأ.

فجزءٌ أساسي في تعريف القرآن هو الكيفية التي يُتلى بها القرآن، فإنه يُتلى بطريقة معينة، وهي: مراعاة أحكام التجويد وصفات الحروف ومخارجها ونحو ذلك.

فالعدول عن ذلك بأن يتلقى الإنسان القرآن عن طريق سماع الأشرطة ليرضي ضميره غير صحيح.

وبعض الناس يقول: أنا لست مقصراً مع القرآن، بل إنني طوال النهار متابع لإذاعة القرآن الكريم، ومعي الأشرطة أسمعها، وهذا هروب، فإن التعبد بالقرآن ليس بسماعه فقط، فهل أنت الذي تتعبد أم جهاز التسجيل أو الراديو الذي يتعبد؟ لابد أن يكون لك ورد تقرؤه من القرآن، ولا بأس أن تسمع، لكن لابد أن يكون هناك تعبد بلسانك أنت وبقلبك أنت وبعقلك أنت، حتى لو كنت تتعتع في قراءة القرآن فاستمر وجاهد فلك في ذلك الأجر العظيم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما معناه: (الماهر بالقرآن مع السَّفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن وهو يتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران)، فحتى الشخص الذي لا يعرف التجويد ولا يحسن قراءة القرآن يقرأ؛ فإن له أجرين على ذلك.

فالمطلوب أن الإنسان لابد أن يتلقى القرآن، هذا إذا كان يريد أن يكون طالب علم حقيقياً وليس طالب علم مزوراً، فإن أول خطوات طلب العلم أن تقرأ القرآن الكريم على شيخ مشافهةً، فإن لم يكن مشافهةً لم يسم تلقياً؛ لأن المشافهة أن تتلقى عن الشيخ -ليس فقط من صوته- لكن تتلقى بنظرك بعينيك وبلحظك أيضاً، ولا تأخذ منه اللفظ فقط لكن أيضاً تأخذ عن طريق اللحظ، فهناك من صفات الحروف ومن أحكام التجويد ما يدرك بالنظر، ولذلك منع العلماء أن يتلقى أعمى عن أعمى، لأن هناك أحكاماً لا تفهم إلا بالنظر، مثل: الروم والإشمام، ونحو هذه الأشياء، فلابد من النطق بالحرف مع النظر إلى كيفية نطقه، ومعرفة كيف يخرج الحرف مرققاً، وكيف يخرج مفخماً، وهذه لا تدرك إلا بالنظر إلى الشيخ.

فينبغي أن يُجتهد في هذا الأمر.

فإن كان الإنسان يعجز عن تلقي التجويد أو القرآن عن شيخ مشافهة فهناك حل بديل ينفع لمن عجز عن الحصول على شيخ، وذلك لو أمكن مشاهدة بعض الأشرطة البصرية السمعية، إن أمكن استعمالها في التعلم؛ لأنه توجد أشرطة فيها بعض الشيوخ يعلمون التجويد بأشرطة فيديو تقريباً، فهذه يمكن النظر إليها مؤقتاً إلى أن يتوفر الشيخ؛ ولكن نحن نعيش في مصر، ولسنا نعيش في بلاد واق الواق حيث لا يوجد فيها شيوخ ولا كذا، فعندنا شيوخ وبالذات الشيوخ الأزهريون، فإنهم يتقنون جداً أحكام التجويد، فينبغي أن يلوذ كل واحد منكم بشيخ يتلقى عنه القرآن شفاهاً، ولا يلجأ إلى هذه الوسائل البديلة؛ لأن هذا لا يطلق عليه قارئاً، إنما القارئ من يتلقى القرآن مشافهة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015