إن الآيات التي أقسم الله تعالى في هذه السورة بها كلها أخرجها في صورة الأيمان، لكن هي في حقيقتها دلائل جديدة على التوحيد، وعلى قدرة الله سبحانه وتعالى التي خلقها، فالقادر على خلق هذه الأشياء قادر على إعادة البشر من جديد.
كما يقول القائل لمن أنعم عليه: وحق نعمك الكثيرة إني لا أزال أشكرك وحق إطعامك إياي وحق إمدادك إياي بالمال وحق كذا وكذا، فيظل يعدد النعم التي صورتها صورة أيمان، لكن في الحقيقة هو يعدد هذه النعم؛ لأنها سبب مفيد لدوام الشكر.
قوله: {إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ} هذا هو المقسم عليه، فإن قيل: إن كانت هي دليلاً بعد دليل على التوحيد، فما الحكمة أن الله سبحانه وتعالى أخرجها في صورة الأيمان، في حين كونها بحد ذاتها أدلة على المقسم عليه، يقول: لأن المتكلم إذا شرع في أول كلامه بحلف كأن يقول: والله ثم والله ثم والله لاشك أن هذا يلفت نظر المستمع لخطورة الكلام الذي سوف يقال، والحقائق التي سوف تذكر، فبالتالي يصغي إليه أكثر من غيره، فبدأ بالحلف وأدرج الدليل في صورة اليمين حتى يقبل القوم على سماعه، فأخرج لهم البرهان المبين والتبيان المتين في صورة اليمين.