عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اشتكت النار إلى ربها فقالت: يا رب! أكل بعضي بعضاً، فأذن لها بنفسين: نفس في الشتاء، ونفس في الصيف، فهو أشد ما تجدون من الحر، وأشد ما تجدون من الزمهرير) متفق عليه.
وفي رواية لـ مسلم: (قالت النار: ربي أكل بعضي بعضاً، فائذن لي أتنفس، فأذن لها بنفسين: نفس في الشتاء، ونفس في الصيف، فما وجدتم من برد أو زمهرير فمن نفس جهنم، وما وجدتم من حر أو حرور فمن نفس جهنم) لا شك أن هذا الحديث من أقوى الأدلة على أن النار والجنة مخلوقتان الآن موجودتان، وهذه هي عقيدة أهل السنة والجماعة في هذه المسألة.
الأمر الآخر: أن هذا الكلام من النار ظاهره الحقيقة، فهو كلام حقيقي سوف نبينه عما قريب إن شاء الله تعالى.
أما العبرة من هذا الحديث: فلا شك أن الله سبحانه وتعالى خلق لعباده داراً يجزيهم فيها بأعمالهم مع البقاء فيها من غير موت، وخلق داراً معجلة للأعمال، فدار الجزاء دار مؤجلة وهي دار الجنة أو النار، ويؤتى بالموت فيذبح بين الجنة والنار فيقال: (يا أهل الجنة! خلود ولا موت، ويا أهل النار! خلود ولا موت، فيزداد أهل الجنة سروراً وفرحاً إلى فرحهم، ويزداد أهل النار هماً وحزناً على حزنهم).
أما دار العمل ففيها موت وحياة، وابتلى الله سبحانه وتعالى العباد في هذه الدار بما أمرهم به ونهاهم عنه، وكلفهم فيها الإيمان بالغيب، ومنه الإيمان بالجزاء وبالدارين المخلوقتين للجزاء، وأنزل بذلك الكتب، وأرسل به الرسل، وأقام الأدلة الواضحة على الغيب الذي أمر بالإيمان به.
وإحدى الدارين المخلوقتين للجزاء دار نعيم محض لا يشوبه ألم، والأخرى دار عذاب محض لا يشوبه راحة.