قال العلماء: إن أخبار الإسرائيليات ثلاثة أقسام: الأول: ما نعلم كذبه قطعاً ومخالفته للشرع، فهذا ينبغي رده قولاً وحداً.
الثاني: ما نعرف صدقه قطعاً، فهذا نقبله.
الثالث: الذي لا نعرف هل هو صادق أم كاذب، فالاحتياط الإمساك عنه؛ لأنه إذا كان من الوحي الذي أوحاه الله إلى أنبيائهم، فينبغي ألا نكذب به، ويحتمل أنه ليس من الوحي، فإذا صدقنا به نكون قد صدقنا بشيء ليس من الوحي.
فعلى أي حال تأول بعض العلماء هذا الحديث: (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) على أن هذا في القسم الذي هو مما لا يصدق ولا يكذب، فيجوز حكايته عنهم وروايته.
يقول ابن كثير: وعندي أن هذا وأمثاله وأشباهه من اختلاق بعض زنادقتهم، يلبسون به على الناس أمر دينهم، كما افتري في هذه الأمة مع جلالة قدر علمائها وحفاظها وأئمتها، أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وما بالعهد من قدم.
يعني: نحن أحدث ديناً، أو أحدث رسالة، ومع ذلك افتري على النبي عليه الصلاة والسلام أحاديث، وهذا مع وجود العلماء والحفاظ وحراس السنة.
ثم يقول: فكيف بأمة بني إسرائيل مع طول المدى وقلة الحفاظ النقاد فيهم، وشربهم الخمور، وتحريف علمائهم الكلم عن مواضعه، وتبديل كتب الله وآياته! وإنما أباح الشارع الرواية عنهم في قوله: (وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) فيما قد يجوزه العقل، فأما فيما تحيله العقول ويحكم عليه بالبطلان، ويغلب على الظنون كذبه؛ فليس من هذا القبيل، والله أعلم.
وقد أكثر كثير من السلف من المفسرين وكذا طائفة كثيرة من الخلف من الحكايات عن كتب أهل الكتاب في تفسير القرآن المجيد، وليس بهم احتياج إلى أخبارهم، ولله الحمد والمنة.
للأسف أن من آفات كتب التفاسير وجود الإسرائيليات الكثيرة في أثنائها، مع أن الله سبحانه وتعالى قد أغنانا عن أن نقتبس من هذه الإسرائيليات.